أمسية ختامية بمهرجان المفرق للشعر العربي في دورته التاسعة ٢٠٢٤
18-10-2024 12:51 PM
عمون - في قلب معرض عمان الدولي للكتاب، أقام بيت الشعر المفرق أمسيته الشعرية الختامية لمهرجان المفرق للشعر العربي في دورته التاسعة ٢٠٢٤ بحضور مدير بيت الشعر الأستاذ فيصل السرحان وثلة كريمة من الشعراء والنقاد والمثقفين، وغطتها فضائية الشارقة، وذلك الساعة السادسة مساء الخميس ١٧/ ١٠/ ٢٠٢٤ في (قاعة الندوات، الطابق الثاني، المركز الأردني للمعارض، مكة مول).
وقد عزف على أوتار الجمال والإبداع في هذه الأمسية العذبة كل من الشعراء الكرام: إسلام علقم، ود. علي غبن، وماريا الرفاعي، وإبراهيم الحسبان، ولؤي أحمد، وعبدالله حمادة، وأدار مفرداتها الأستاذ جعفر العقيلي الذي أشاد بمبادرة سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة بإنشاء بيت الشعر المفرق وبيوت الشعر في العديد من المدن العربية العزيزة.
وفي ختام الأمسية قام الأستاذ فيصل السرحان بتكريم الشعراء المشاركين في الأمسية.
وغِبَّ الأمسية تم إشهار وتوقيع كتابين من منشورات دائرة الثقافة بحكومة الشارقة الأول ضمن مشروع إبداعات عربية وهو مجموعة شعرية للشاعر عبدالله حمادة بعنوان" خفيفا كفكرة". والثاني كتاب نقدي ضمن مشروع دراسات نقدية للدكتور عامر أبو محارب بعنوان "القوس والكنانة".
وقد استهل الشاعر إسلام علقم بلوحات شعرية منها:
قدر الفلسطيني
ستفرحُ كلَّما أهدتكَ أنثى
شبيهًا يستقي منكَ الأماني
وتبكي حينما تَغْبَرُّ فيه
ملامِحُهُ بهمْساتِ المعاني
سماؤُك في السُّقوفِ وليس أعلى
وأرضُكَ في محطَّاتِ الأوانِ
وترضى بالأقَلِّ كما حَمامٍ
يطيرُ عن الطَّريقِ لأيِّ داني
عليكَ بأن تنامَ بنصفِ حُلمٍ
وأن تجري السِّباقَ بلا حصانِ
وتحيا أيَّ ما يُبقيكَ حَيًّا
على أملٍ يسافرُ في الزَّمانِ
إذا هادنتَ عاش النَّاس موتًا
وإن قاومتَ ماتوا في الطِّعانِ
عليكَ القَهرُ حُكْمٌ لا يُقاضى
عليكَ الرِّيحُ لم تقبلْ بثاني
قيامُكَ مُشبَعٌ بالرَّجمِ دومًا
هدوؤُكَ أن تعيش على الهوانِ
فلسطينيْ معاقلكَ اللَّيالي
ونصف اللَّيلِ منزوعُ الأمانِ
حصارك مزمن قدر ويسري
وحقك والضحايا توأمانِ
وألقى الشاعر د. علي غبن العديد من القصائد الجميلة منها:
الحلم
أتى والمدى بين السّماكين عارض
وغادر مثل البرق ومض ووامض
مشى بي بصحراء من الوهم رملها
سراب وفي روحي أمانٍ نواهض
يحررني مني فأوشك أن أرى
حقيقة هذا الكون والكون رافض
يريني من الأحداث قبل وقوعها
مشاهِده وهم... ومعناه غامض
ويأخذني مني إلى حيث ينتهي
فضاء من اللا شيء باللون نابض
عجبت له كيف استدل طريقه
وحولي من الأيام سود روابض
شعرت بما لا يقدر الشعر وصفة
فلا أنا مقروض ولا الشعر قارض
وكنت بلا وعي أسيرُ به معي
كأني على جمر الغواية قابض
فلا الدرب مرتاح ولا والبال هادئٌ
ولا النجم يهديني ولا الخيل راكض
ولا النور يأتي من بعيد يقودني
إلى حيث تزري بالقصيد المعارض
ولا الماء إن سال الزلال براحتي
مضيء ولا وجه الحقيقة وامض
ولا الشعر منحاز بما في جنونه
إلي فلا عذب ولا هو حامض
فليت بقايا الحلم كانت على الهوى
وليت ابتداء الصحو للهمّ نافض
وليت مجاز النوم غيث قصيدة
يرّوضها بين الخيالات رائض
ثم ارتقت المنصة الشاعرة الشابة ماريا الرفاعي وجادت بقصائد عذبة منها:
رأيتُ أدلَّ البعث للناس ظُلمَهم
وآمنتُ يومَ الناسُ في الله شكَّتِ
إلى يومِ يلقى كلُّ خصمٍ خصيمَه
وكلُّ امرئ لم يَقدُرِ اللهَ يُنكَتِ
فلا عفوَ إلا أن تلوك جهنَّمٌ
عبادًا أولي بأسٍ علينا وشوكةِ
ملكتم فأنحفتم من المجدِ سالفًا
عريضًا وأمسى من نهارٍ لحلكةِ
وألقيتمُ ثوبَ الجلالِ شبارقا
على جسد الإسلامِ من بعد حبكَةِ
أيا جسدَ الإسلام إنّ حوادثًا
لنا أضحكتْ منا الزّمانَ وأبكتِ
هل الجسمُ إلا ما تداعت ضلوعُهُ
ببُرْءٍ سَرى عمًّا به أو بهلْكةِ!
فليست دِماءٌ في حمى القدس أُهرقَت
بمحقونةٍ حتى تهيجَ بمكةِ
وألقى الشاعر إبراهيم الحسبان قصائد جميلة منها:
عاشق على مداخل القدس
تسابقني روحي وأبغي اصطحابها
وَسَيَّانَ عِنْدِي أَيْنَ شَدَّتْ رِكَابَها
فما خَدَعَتْني ذَاتَ يَوْمٍ وَلَمْ تَكُنُ
تُبَعْثِرُ فِي دَرْبِ الأماني سَرَابَها
وَتَعْرُجُ بِي حَتَّى أرى الشمس دونها
رماداً كأن الريح تذرو يبابها
فأدرك أن الله ألقی بنوره
على القدس حتى دقت الشَّمْسُ بابها
لِتَقبِس مِنْها جُذْوَةً مَقْدِسِيَّةً
تعيد إليها دِفْنَها والْتِهَابَها
هِيَ الْقُدْسُ يَسْرِي في الشرايين نَبضُها
نداء لو اجتاز الفيافي أذابها
وتمتزج الأرواح في الأفق مسجداً
ومهداً يُزيلان الأسى واغترابها
تكاد السموات العلى أن تُحيلها
سماء لها الأبراج تحني رقابها
وَسُبْحَانَ مَنْ أَسْرَى إِلَيْهَا بِعَبْدِهِ
فَبَارَكَ أَقْصَاهَا وَأَعْلَى قِبَابَهَا
وَنَزَّهَهَا عَنْ كُلِّ رِجْسٍ وَصانَها
وَأَوْصَدٌ فِي وَجْهِ الشَّيَاطِينِ بَابَهَا
سَلامٌ عَلَيْها وهي تزداد رفعة
إذا أقبل العذال أخفت عتابها
تخبى في أعماقها ألف لوعة
وَتَأْبي على أغلى الدموع انسكابها
وَتَفْتَرُ عَنْهَا بَسْمَةً أَطْبَقَ الأسى
عَلَيْها فَتُضفي حين تبكي حجابها
سلامٌ عَلَيْها حينَ تجتث لَيْلَها
وَتَقْذِفُ فِي وَجْهِ الأعادي شهابها
فَلا يَبْلُغُ الطَّرَّاقُ أَعْتَابَ خِدْرَها
وَلا يَلْمَسُ الغازون حتى نقابها
لها الله كم ريقت دماء بأرضها
وَكَمْ شَوَّهَ الْحِقْدُ الْبَغِيضُ انْسِيَابَها
وقدم الشاعر لؤي أحمد معزوفات شعرية عذبة منها: شيخُ الطريقة...
بـحرٌ وإيــــــقــاعٌ وقـــــافِـــيــــــةٌ أَنــــــيـــقَـةْ هيَ فـــتــنـــةُ الـمهــجـورِ مــن لغـــتـي العَـــتيــــقــةْ
بــيضاءُ في عينـي القَصيدةُ إنْ تَــكُنْ فــيـــها الــــنَّــــوافِـــذُ لا تُــطلُّ على حَديـــقَـــةْ
الشِّعرُ: أنْ يَطوي الـمَكانَ مـعَ الــــــزَّمـــانِ فَـــمٌ سَيخْــتــــزلُ العَــــوالــمَ في دَقــــيـقَــةْ
الشِّعرُ: أنْ تَــهَبَ الـمُـــؤَوِّلَ معنـــيــــيـنِ تـــنـــامُ بـــيـــنــهما الكـــنايـــــةُ مُـــســتَـــفـــيــقَـــــــةْ
الشِّعرُ: ثــالـــثـةُ العُـــيــونِ بـها تَــــرى مـــا لا تَـرى الـعَــيْـــنــانِ في الصــور الدقــيــــقَـةْ
الشِّعرُ: فَـــنُّ الـمحوِ والإيــــحاءِ إنْ وَجــــدَ الســؤالُ الضَّحلُ أجــوبــةً عَمــيـقــــةْ
ما البحرُ؟: شـــيخٌ مُـــولَـــــعٌ بالسَّـــردِ يَــــروي قِــصَّـــةَ البـــــحَّـارِ للسُّفـــنِ الـــغَــريــــقَــةْ
ما الليلُ؟: عاشــــقُ نــــــجــــمـــةٍ صيفيةٍ في البــــئــــرِ تَـــغسلُ وَجـــهَــهَا لتَبلَّ رِيـــــقَــهْ
ما البئرُ؟: خازنةُ الحَصى، عبثُ الطفولةِ بالصَّدى في جَرَّةِ الريحِ السَّحيقَةْ
ما الريــحُ؟: ســـيَّــدةٌ تُــطــيِّــــرُ شَـــالَـــــهـا كي يَـــسقُطَ الصيَّـادُ بالــنَّـــارِ الصَديـــقَــةْ
ما النَّارُ؟: حَربُ الإخوةِ الأعداءِ قبلَ الأرضِ بعدَ الحبِّ مِنْ بَدءِ الخَليــقَـةْ
ما الحبُّ؟: حِضنُ الشَّــوكِ يَـحرُسُ وَردةً ما شَـمَّها يـومًا ولا ذَاقَــتْ رَحيـقَـهْ
ما الوردُ؟: سرٌّ فائحٌ من دفتـــــرِ الـــــــذكرى طوتْهُ البــــنتُ كي تُـــخفي بَـــريــقَـــهْ
ما الذكرياتُ؟: غـــدٌ يَــشُدُّ لـحُزنـــــنَا اليــوميِّ أمـــساً ضـــلَّ حــــاضـرُنَـــا طريــــقَـــهْ
ما الأمسُ؟: شرقٌ سجـنــهُ تاريـخُهُ في الـمُتحفِ النَوَويِّ يَـــنصبُ مِــنْجَنيقَهْ
ما الشرقُ؟: قـــبــــــرٌ مِــــنْ رَمـــــــــــادِ الأنـبـــــيَاءِ وحَاكمٌ من نسل آلـــــهةٍ عــــــريــــقـــة
ما الموتُ؟: مَـعـنـىً لا يُـــرامُ (فلمْ يَــــعُـدْ أَحـــدٌ مـــنَ الـمَوتى ليُـــخبرَنا الحقيقَةْ)
قـــبــلَ القصـــــيــــدةِ أَبْــــرمَ النُّــــقـــــادُ عَقْــــــدَ عَـــــــــداوةٍ بيــــــنَ التَّكــلفِ والسَلـــيــــقَـــــةْ
بـيـنَ القَـــصـــــيــدةِ والقَــصـــيــــدَةِ شَــــــاعـــــرٌ لنْ يَـقرأَ الشُّـــعَراءُ حِـكمَـــتَـــهُ الرَّقـــيــــقَــــةْ:
أَشياخُ شـــعـــري في الطــريـــــق قــتــلتُـــهــــم وقتلتُني مُــذْ قيلَ لـي: (شيخُ الطَّريقَةْ)
وختم الأمسية الشاعر عبدالله حمادة بقصيدة بعنوان:
بانوراما: جاهليّ في المقدمة
مـــاضٍ..
ويـخذُلـك الطـــريـق مـِـرارا
فــــبـأيّ آلاءِ الأســـــــــى تـــتـمارى!!
مــا كــــنـتَ فــيـهم إذ رَمَـوا أقلامَهم
والعـــيـنُ حــَــيرى،
والمـِـيـاه حيارى
والنــــاس خـلفَك يـركُـضـون دوائـراً
فــعلامَ هــــم يــــتـعرَّقـون بُــخـارا؟!
وكــأنـهم عـــلِـموا بــــأنَّ دلــــــيـلَهم
كَـــسُكُوتـِـهم إن قدّمـوه
تـــــوارى
وبـأنــَّـه حــين ارتــوى مــن قوتِهــم
أخـَـــذ الفــُــــــتاتَ ولـَــفّهُ سيـجـارا
فــبدَوا سُكارى يــهـرَعـون تــــمـايُـلاً
مـــمّا رأَوه،
ومــا هـُــــمُ بــسـُـكـارى!
مـــاضٍ..
وقـــطّـعتَ الجـــذورَ حداثةً
وبــنـيتَ فــــــوق اللا أســـاس ديـارا
وتــبـعتَ صــــوتاً لـــم تـــكـن أحبالُهُ
تقوى عــلى قـــــول الكــــلام جِــهارا
ومــررتَ مـــثل يــمـامـةٍ عـَـمـيـاءَ لم
تـَـعـجَبْ لــــقــومٍ يـــعــبدونَ النـارا!!
هـــــذا.. وإنّ الكـــــنـزَ مـــــن فـــرطِ
التواءِ البــحر
صــار تــقـيـُّـؤاً ودُوارا
فمتى الوصول؟!
أظــنّ بـــعـد وفاتنا،
وأظــن خـــاتــمةَ الطــــريـق جــدارا
مـــاضٍ..
كــأنـّـك لـــم تـــــزل حـــيّاً!
كــأنك مـا اكـتشفتَ البـئرَ والأسـرارا!
وكــأن بـوّابـاتكَ اللاتــــي اســــتـقلنَ
مـن الحـِـــراسةِ مـــــا يـــزلنَ عذارى!
وغـفوتَ في (سينما) الحياةِ،
وفي النهايةِ
أيــــقـَــــظــــوكَ لتـُـــشـعلَ الأنــــوارا
مَن مـثّلوا،
مَن شاهدوا،
مـَـن صــفّـقوا
هـــم ذاتـُـــهم مـــــن وزّعـــوا الأدوارا
يـــا زورقـــاً مــــا زال يـــنـقلُ نـفطَهم
في الضــفـتين،
ولـــــم يـــنل ديــنارا!
يسـتصرخُ الفُـلكَ التـي ســارت بـِنوحٍ:
جـَـدّتـي..
هــــــم يـــطــلبونَ الثــارا!
نـحـتاجُ نـُـــوحـاً ثـــانـياً، وســــفــينةً
أخــــرى،
و"ربــِّـي لا تـــــذر ديّـــارا"
نـُــهـدي إلـى الجــوديّ مــن (يوتوبيا)
شـَـعباً،
ونـــضـربُ حـــــولهُ الأسوارا
والخـطوة الأولى لنا:
أن نفهمَ الأسـفار
لا أن نــــــــحـــمـلَ الأســـــــــــــفـارا!!
مـــاضٍ..
ولـم تــسـمع نـُـبـوءةَ شــاعرٍ
صــــــــاغَ القــَـوادمَ للـــدُنـا أشـــعـارا
وحــسـبتَهُ كــتـبَ القــصـيدَ مـُـبـاريـاً
والشـــعرُ لــم يـُـخـلق لــكي نـَـتـبارى!
هـــا أنــتَ تــقرأُ مــا يــدورُ، وما الذي
سـيدور،
تـــكـشفُ عــنــهما الأســتارا
العــــتـمةُ البـِـــكـر التـــــي زوّجـــتَـها
صـــُـبـحاً خــَـجـولاً،
لـــم تــلِـد أنـوارا!
الأمــس أهــدأُ مـِـــن صـــبـاح اليـــوم،
أهــدأُ مــن مـــسـاءِ غـــدٍ،
وأهــنأُ دارا
مــن كــنتَ تحسبهُم../ ظـننتَ بأنهُم..
خــــانـوا التـــوقّـعَ إذ غـَـــدَوا أقــدارا
(بــلـعـامُ) يـــظـهرُ مــــــــرةً أخـــــرى
بــــزيٍّ أزهــــــريٍّ يــخـطفُ الأنــظـارا
و(الأعـــور الدولار) : "إنــــي ربـــكم"
فـَـأتـَـوا يـــهـوداً
مـــسـلمين
نـصارى
والثـــابــتون عـــــلى المــبادئِ شـأنهُم
شــــأنُ (ابـــنِ يـــاسرَ)،
دوَّروه فـــدارا
عـــمّا قـليل..
لـن يــظلَّ من الحـضارة
مــــــا ســيـصلح أن يــــــكـون مـــزارا
وســيـشـتكي البــَــارودُ قـــلـةَ رزقِــه:
"أيـــن الذي ســــأعـيثُ فــيه دمارا؟!"
عـــمّا قـليل.. لــــــن نــــمـوت.. لأنـــنا
لـــــــن نـــمــلـكَ الأرواحَ
والأعــــمـارا.