facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




لنصلِّ العصر في بني قريظة


د. محمود الشغنوبي
16-10-2024 01:26 PM

لمَّا أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بسرعة الخروج إلى بني قريظة قبل أن يتحصنوا بحصونهم قال لهم: “ألا لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة”، فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيهم، وقال بعضهم: بل نصلي لم يرد منا ذلك. فذُكِر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف واحداً منهم". رواه البخاري

وعن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله علية وسلم: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.

رددت هذا الحديث السيدة “جاسيندا أردرين” في وقفتها مع مسلمي نيوزلاندا وهم يواروا جثمان شهدائهم، فماذا أبقت لنا تلك السيدة نحن المسلمين.
أيتها السيدة الأسطورة يا أيقونة السلام لقد وصل سلامك الى قلوبنا وعقولنا ونحن من عالمنا الإسلامي نقرؤك السلام.

في الأمس القريب هبت نسور الأمة وجندها في دول التحالف العربي مدعومة من الجامعة العربية ودوّل العالم الإسلامي والامم المتحدة لنجدة أهل عدن والجنوب ضمن حملة شاملة ومشروع قومي عربي، لنصرة الحق وأهل الحق.

واليوم أعادت الحرب على لبنان إلى الأذهان مشهد حرب الإبادة على غزة، بعد أن أصدرت عصابة الكيان تحذيرات للمدنيين، كما فعلت في غزة، بالخروج من المناطق التي على وشك أن تتعرض للهجوم، والقت باللوم على حزب الله، كما فعلت دوماً مع حماس على استخدام المدنيين كدروع بشرية.

وعلى عادة عصابة الكيان ، كانت التحذيرات غامضة للغاية ولم تمنح الأسر الوقت الكافي لإخلاء منازلهم، وتطالب قوانين الحرب بحماية المدنيين، وتحظر الاستخدام العشوائي وغير المتناسب للقوة، حتى وإن كان بزعم أن حزب الله منظمة إرهابية.

تصر عصابة الكيان على أن جيشها يراعي أخلاقيات الحرب ويحترم القواعد، ولكن حكومات كثيرة حول العالم أدانت سلوكها في غزة، ومن شأن اندلاع حرب حدودية جديدة أوسع نطاقاً، أن تعمق الفجوة في الجدل القائم حول سلوكها.

بالنظر إلى تفجيرات أجهزة البيجر، فإن عصابة الكيان تقول إن الهجوم كان يستهدف عناصر حزب الله الذين تم تزويدهم بالأجهزة، ولكنها لم تكن قادرة على معرفة مكان وجودهم عندما فعّلت تفجيرات الأجهزة، وهو ما أدى إلى إصابة وقتل مدنيين وأطفالاً في المنازل والمحال التجارية وغيرها من الأماكن العامة، ويقول محامون بارزون إن هذا يثبت أن عصابة الكيان كانت تستخدم "القوة المميتة" دون التمييز بين المقاتلين والمدنيين، وهو انتهاك لقواعد الحرب.

كانت حروب دولة الاحتلال السابقة مع حزب الله طاحنة واستنزافية، ولم تسفر قط عن نصر حاسم لأي من الجانبين، وغالباً ستكون هذه الحرب على نفس المنوال، مهما كانت نتائج الحرب مرضية لعصابة الكيان وأجهزة استخباراتها وجيشها.

ارتكز هجوم عصابة الكيان على افتراض، مفاده أن حزب الله سوف ينهار في لحظة ما وينسحب من الحدود ويتوقف عن إطلاق النار نصرة لغزة، ويعتقد أغلب المراقبين أن حزب الله لن يتوقف، باعتبار أن قتال دولة الاحتلال هو السبب الرئيسي لوجوده الذي لطالما تغنّى به.

وهذا يعني أن عصابة الكيان، التي لا تعترف بالهزيمة، سوف تضطر إلى تصعيد الحرب إلى ما هو أبعد من ذلك، وإذا استمر حزب الله في تهديد شمالها، وجعله منطقة شديدة الخطورة على المدنيين الذين قد لا يتمكنون من العودة إلى ديارهم، فسوف تضطر تلك العصابة إلى اتخاذ قرار بشأن شن هجوم بري، ربما للسيطرة على الشريط الحدودي ليكون بمثابة منطقة عازلة.

تتعدد الجبهات، وغاية العدو واحدة في المضمون، مختلفة في الشكل والمكان، حروب جرى توظيفها لتشخيص الواقع في كل منطقة لتغييره وطمس شواهده التاريخية لكل جزء من أجزائه، فذاك العدو الغاصب للأراضي الفلسطينية لم يحسن تقدير قوة المشاعر الدينية والثقافية ومدى قداسة المكان، فكانت عملية طوفان العزة والكرامة التي انتهت بفضح مدى هشاشة هذا الكيان وإجرامه، وتلكم بيروت التي لم تفلح محاولاتهم في تغريبها باسم التطوير والتحديث على طراز الغرب وعلمنة مفاصل الدولة والمجتمع، بعد هذا كله رأينا كيف تدافع الشعوب عن وجودها وهويتها المهددة ودفاعاً عن الوجود الجمعي العربي.

يدرك قادة دولة الاحتلال أن الحرب في لبنان تشكل تحدياً عسكرياً أشد صعوبة من محاربة حماس في غزة حيث أمضى حزب الله السنوات الثماني عشرة الماضية في إعداد الأنفاق والمواقع في الصخور، وأصبح يمتلك ترسانة هائلة من الأسلحة زودته بها إيران، وعلى النقيض من حماس في غزة، يمكن تزويده بالمزيد من السلاح براًً عبر سوريا حتى وإن قامت عصابة الكيان بقصف الطريق.

مع استمرار الحرب على غزة، وارتفاع مستويات العنف في الضفة الغربية المحتلة، عمدت عصابة الكيان إلى فتح جبهة ثالثة في لبنان،ً جواً وليس براً لأنها على يقين أن وحدات الاحتياط التي توفر القدر الأكبر من القوة القتالية تشعر بالفعل بالتوتر بعد عام من الحرب.

منذ أكثر من سبعين عاماً ونحن ندعو على دولة الإحتلال، فلا هي انهزمت ولا نحن انتصرنا!، هل لأنها انتصرت علينا حضارياًً، أم لأننا انهزمنا بكل المعايير الحضارية والإنسانية؟..

كلنا يدرك أن النظام السوري “مثلاً” لا يمكن أن يحرر فلسطين، فيما يده ملطخة بدم أكثر من نصف مليون سوري. وكلنا على يقين أن الإيرانيين لن يدمروا دولة الاحتلال، وهم الذين دمروا أو أسهموا في تدمير الحواضر العربية القريبة منها في العراق وسوريا. وكلنا يؤمن أن حزب الله ما هو في واقعه إلا صورة مصغرة عن نظام إيران، وأن هذه الأنظمة تكتسب مشروعيتها الوحيدة من الدعاية الثورجية ضد دولة الاحتلال، لأنها، في الأصل، تحكم بدون أي مشروعية شعبية حقيقية تستند إلى انتخاب ديمقراطي، أو رصيد اقتصادي وتنموي، أو إبداع سياسي ومدني، ولذا مهم لتلك الأنظمة أن تظل الأراضي الفلسطينية محتلة، لتظل هي قائمة على أساس من “المشروعية الثورية المقاومة للاحتلال”، ولكن في واقع الأمر أن هناك شعبين عربيين يذبحان بنفس السكين، وقد آن الأوان لنا أن نجعل الولاء للمعاني لا للألفاظ، للقيم لا للأشخاص، وللأوطان لا للأنظمة، والواجب نصرتهم مهما بلغ التآمر والعدوان، وواثقون بأنّ العدوّ سيدفع الحساب باهظًا على جرائمه البشعة بحق شعبنا وأمتنا.

لقد استطاع اليهود تجاوز محنة “التيه الجيوتاريخي” وشكّلوا قومية دينية استطاعت الصمود، وضربت العرب في كل المعارك التي دخلوها إلا في الكرامة الأردنية، فيما خرج العرب منكرين هزيمتهم في ادعاءات أشبه ما تكون بعنتريات القبيلة العربية القديمة، ولا يقبل العرب المرارة إلا في قهوتهم التي يحتسونها في وقت استرخائهم الطويل.

إن تسمياتنا لهزائمنا المريرة جعلنا نخفف هزائمنا المدوية بتسميات من قبيل: نكبة ونكسة، أو نفخمها  بتسميات مثل: أم المعارك والوعد الصادق وغيرها من التسميات التي تعكس حالة الإنكار التي نعانيها منذ عقود طويلة؟!.

إن العرب ومنذ ما يزيد على سبعين عاماً يحاولون تلمس طريقهم للخروج من متاهة المراوحة بين القديم والجديد، الأصيل والدخيل، والماضي والحاضر، وفِي كل مرة يوشكون فيها على تجاوز برزخهم الكثيف، يعودون مرة أخرى إلى نقطة البداية.

مشاكل العرب كثيرة اليوم، ولا مشكلة في وجود المشكلة، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في غياب الحل، أو عدم القدرة على التوصل إليه، أو حتى عدم الرغبة فيه. المشكلة أن العرب يشعرون أحياناً أن كلفة المشاكل أعلى من فاتورة الحلول، ولذا يفضلون التعايش مع مشاكلهم على اجتراح حلول لها نتيجة لكسلهم الذهني ونفورهم من روح المغامرة، ولكي ننتصر على دولة الاحتلال، يجب أن نعرف أنه “ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب، من يعمل سوءاً يجز به”.
أما نحن..

لا ريب أننا أخذنا درساً مؤلماً عندما سلمنا رقابنا للأجندات الخارجية التي تسعى لزيادة سنوات التشرذم العربي، ولم يبق لنا سوى حل واحد لا ثاني له، لم يبق لنا سوى أن نصدق بما كنا نعتقد به حتى وإن كان كذبة أو مستحيل، وهو الوحدة العربية من منطلق فهم ومراجعة التاريخ وأخذ العبر منه، بغض النظر عن مذاهبنا أو ديننا فإن الآخرين ينظرون الينا كعرب، يجب أن تجمعنا وتوحدنا نظرة العدو الذي يرانا في خندق واحد ويكن لنا نفس المستوى من الانتقاص والبغضاء!.

أخيراً: في حين تستمر الغارات الجوية على لبنان الذي بات مكلوماً وجريحاً، وغير بعيد عن قطاع غزة الذي يتعرض في الواقع لإبادة جماعية تشرعنها الولايات المتحدة الأمريكية وتباركها بعض الدول الأوروبية وتسكت عنها المنطقة العربية إلا من رحم ربي، يواجه المدنيون الذين يكافحون بالفعل لتوفير احتياجات أسرهم مع وجود اقتصاد متهالك، آلاماً مروعة وعدم يقين من المستقبل، ويعبر الخوف خطوط المواجهة، إذ تدرك عصابة الكيان أن حزب الله قد يلحق بهم أضراراً أشد مما لحقت بهم خلال العام الماضي في غزة، ولكن في الوقت الحالي نرجو الله ألا شيء يمنعها من الانزلاق نحو الأسوأ.

وسلامتكم..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :