الشباب قادة التحول نحو المستقبل الرقمي المشرق
أ.د تركي الفواز
13-10-2024 11:15 PM
في عالم يتغير بسرعة بفعل التطور التكنولوجي، يقف الشباب في طليعة هذا التحول كقوة محركة تقود الابتكار والتغيير، يشكل الشباب النسبة الأكبر من سكان العالم، وهم الأكثر قدرة على تبني التكنولوجيا واستخدامها لتحسين حياتهم وتحقيق تقدم اقتصادي واجتماعي، بفضل التعليم الرقمي، التطورات التكنولوجية، ووسائل الاتصال الحديثة، أصبح الشباب اليوم أكثر تأثيرًا من أي وقت مضى في بناء مستقبل رقمي مزدهر، هذه القدرة على التكيف مع التكنولوجيا وتوظيفها في حياتهم اليومية هي التي تجعل الشباب قوة حيوية في دفع عجلة الابتكار الرقمي.
ولعل أحد أبرز الأسباب وراء هذا الدور الفاعل للشباب في المستقبل الرقمي هو طبيعتهم التي تميل إلى حب المغامرة واستكشاف الجديد، هذا الفضول يدفعهم إلى تطوير تطبيقات ومنصات رقمية تغيّر من طريقة حياتنا وتواصلنا، مثل "Instagram" و"Snapchat"، التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من ثقافة التواصل الاجتماعي،هذه المشاريع الناشئة ليست إلا مثالًا على قوة الابتكار الكامنة لدى الشباب، والتي تدفعهم دائمًا لتجاوز الحدود التقليدية والبحث عن طرق جديدة لإحداث التغيير، ولكن الابتكار وحده ليس كافيًا؛ فالتعليم يلعب دورًا أساسيًا في تسليح الشباب بالمعرفة اللازمة لدخول هذا العالم الرقمي بقوة وثقة.
وهنا يأتي التعليم الرقمي كأحد أهم العوامل التي تمكن الشباب من لعب دور رائد في المستقبل الرقمي، مع وجود الإنترنت كمنصة تعليمية مفتوحة للجميع، أصبح بإمكان الشباب تعلم مهارات مثل البرمجة، تحليل البيانات، وتطوير الذكاء الاصطناعي من أي مكان وفي أي وقت،هذه المهارات لا تمنحهم فقط القدرة على العمل في السوق الرقمية العالمية، بل تعزز أيضًا قدرتهم على التفكير النقدي والابتكار، وهذا يربط بشكل مباشر بقدرة الشباب على استغلال هذه المعرفة لبدء مشاريعهم الخاصة، مما يجعل ريادة الأعمال الرقمية بوابة حقيقية نحو مستقبل واعد.
وفي هذا السياق، لعبت البيئة الرقمية دورًا حاسمًا في تمكين الشباب من إنشاء شركاتهم الخاصة بسهولة وبتكلفة أقل مما كان يتطلبه الأمر في الماضي، بفضل الإنترنت، لم يعد تأسيس شركة ناشئة يتطلب رأس مال ضخم أو بنية تحتية معقدة، يمكن للشباب اليوم تحويل أفكارهم إلى منتجات أو خدمات رقمية بسرعة وسهولة، معتمدين على منصات التجارة الإلكترونية أو التطبيقات الرقمية، هذا التحول السريع في بيئة الأعمال يعزز من مكانة الشباب كقادة جدد في الاقتصاد الرقمي العالمي.
من جانب آخر، لا تقتصر الفرص التي توفرها التكنولوجيا الرقمية على ريادة الأعمال فقط، بل تمتد لتشمل فرص العمل عن بُعد، مع تزايد الاعتماد على العمل الرقمي، أصبح بإمكان الشباب العمل مع شركات عالمية من مختلف أنحاء العالم دون الحاجة إلى الانتقال جغرافيًا، هذا الاتجاه الجديد لا يفتح أبوابًا للعمل فقط، بل يسهم في تحسين جودة حياة الشباب، حيث يمكنهم العمل من بيئاتهم المحلية وتقليل التكاليف المرتبطة بالانتقال والمعيشة، وهكذا، فإن التكنولوجيا لا تكسر الحواجز الجغرافية فحسب، بل تعزز من الفرص الاقتصادية للشباب في كل مكان.
إضافةً إلى ذلك، يشهد العالم اليوم تحولًا نحو تبني التكنولوجيا المستدامة، وهو مجال ناشئ يمكن للشباب أن يلعبوا دورًا رياديًا فيه، مع تزايد الوعي العالمي بقضايا البيئة والتغير المناخي، أصبح الابتكار في مجال الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الخضراء ضرورة ملحة، الشباب المهتمون بهذا المجال يملكون فرصة كبيرة للمساهمة في تطوير تقنيات صديقة للبيئة تدعم مستقبلًا أكثر استدامة، وهذا التحول يعزز من دور الشباب كقادة ليس فقط في الاقتصاد الرقمي، ولكن أيضًا في بناء مستقبل بيئي مستدام.
وبفضل هذا الاتصال الرقمي العالمي، بات بإمكان الشباب من أي بقعة في العالم المشاركة بفعالية في الاقتصاد الرقمي العالمي، اليوم يمكن للشاب في أفريقيا أو آسيا أن يطور تطبيقًا يستخدمه ملايين الأشخاص في أوروبا أو أمريكا، أو أن يعمل كمستشار تقني لشركة عالمية دون أن يغادر بلده، هذا الاتصال يفتح أمامهم آفاقًا جديدة ويعزز من قدرتهم على المشاركة في صنع مستقبل رقمي أكثر شمولية وتنوعًا.
رغم كل هذه الفرص المتاحة، يظل هناك العديد من التحديات التي تواجه الشباب في هذا العصر الرقمي، مثل الفجوة الرقمية بين الدول المتقدمة والنامية، أو الحاجة المستمرة لمواكبة التطورات التكنولوجية السريعة، هنا يأتي دور الحكومات والمؤسسات في دعم الشباب من خلال توفير البنية التحتية الرقمية والتعليم اللازم، لضمان أن يكونوا جزءًا من هذا المستقبل الرقمي المزدهر.
من الواضح أن الشباب هم المحرك الرئيسي للتحول الرقمي، بفضل إبداعهم، قدرتهم على التعلم، وروحهم الابتكارية، يمكنهم قيادة التحول نحو مجتمعات رقمية أكثر تقدمًا وازدهارًا، ومع استمرار دعمهم وتوفير الأدوات اللازمة لهم، سيكون للشباب الدور الأكبر في تحديد ملامح المستقبل الرقمي للعالم.