الحسابات الوهمية على منصة X .. سلاح خطير
د. أشرف الراعي
13-10-2024 11:28 AM
في ظل التطور الرقمي السريع والانتشار الواسع لمنصات التواصل الاجتماعي، برزت مشكلة الحسابات الوهمية التي تستخدم لنشر المعلومات المغلوطة والشائعات ضد العديد من المؤسسات ومن بينها المؤسسات الأكاديمية والصحية، متسببة في تشويه سمعة هذه المؤسسات وضرب ثقة المجتمع فيها؛ وتعتبر منصة X (تويتر سابقاً) من أبرز المنصات التي تنتشر فيها مثل هذه الحسابات، والتي لا تخدم سوى المصالح الشخصية لمن يديرونها، سواء لتحقيق مكاسب مالية أو مصالح خاصة أخرى.
وفيما يتعلق تحديدا بالمؤسسات الأكاديمية في الأردن تعد هذه المؤسسات من أهم الأعمدة التي يقوم عليها المجتمع. فهي المسؤولة عن تطوير العلم والبحث الأكاديمي، كما تعمل المؤسسات الصحية على تقديم الخدمات الصحية التي تضمن سلامة ورفاهية المواطنين، وبالتالي عندما تتعرض هذه المؤسسات لهجوم ممنهج عبر الشائعات والمعلومات المغلوطة، يتأثر المجتمع بشكل مباشر، وينتج عن ذلك حالة من القلق والتشكيك في جودة التعليم والخدمات الصحية، وهو ما يؤثر سلباً على مسار التنمية الاجتماعية والاقتصادية في البلاد.
الحسابات الوهمية لا تكتفي بنشر الأكاذيب، بل تعتمد على توجيه هجمات شخصية ومعلومات غير صحيحة لتقويض مصداقية المؤسسات، ما يضعف من ثقة المواطنين بها، ويمكن لهذه الشائعات أن تخلق حالة من البلبلة، وقد يتردد الكثيرون في التعامل مع هذه المؤسسات أو الاستفادة من خدماتها، وليس هذا فحسب بل يمكن مهاجمتها وتقويض الثقة فيها، مما يستدعي وقفة صارمة في مواجهتها لا سيما من قبل الجهات المعنية، من دون أن ينفي ذلك حق أي كان في التعبير عن رأيه وفقاً للدستور والقانون.
وقانونياً، أدرك المشرع الأردني أهمية مواجهة هذه الظاهرة واتخذ خطوات جادة للتصدي لها عبر قانون الجرائم الإلكترونية الأردني؛ فوفقاً للقانون رقم 17 لسنة 2023، يعتبر نشر الشائعات والمعلومات المغلوطة عبر الإنترنت جريمة يعاقب عليها القانون، وقد نص القانون بشكل صريح على معاقبة من يستخدم منصات التواصل الاجتماعي لنشر أخبار كاذبة أو معلومات مضللة تضر بالأمن العام أو تمس المؤسسات الوطنية.
ولكن لا يمكن للقوانين وحدها أن تقضي على ظاهرة الحسابات الوهمية؛ إذ يتطلب الأمر وعياً مجتمعياً أكبر بضرورة التحقق من المعلومات قبل تصديقها أو إعادة نشرها، كما يجب على الأفراد تعزيز ثقافة الوعي الرقمي والتأكيد على أن المسؤولية تقع على عاتق الجميع في الحفاظ على سمعة المؤسسات التي تخدم المجتمع.
كما أن المؤسسات لا سيما الأكاديمية يجب أن تكون خط الدفاع الأول في مواجهة هذه الحسابات الوهمية من خلال تعزيز حضورها الرقمي وتقديم المعلومات الصحيحة بشفافية وسرعة، كما يجب التعاون بين الأجهزة الرسمية المعنية والمجتمع المدني للحد من انتشار مثل هذه الحسابات التي تشكل تهديداً على استقرار أي مجتمع.
الحسابات الوهمية على منصة X وغيرها من المنصات الاجتماعية لا تشكل فقط خطرا على المؤسسات الوطنية، بل تمثل تهديداً على النسيج الاجتماعي ككل، ورغم أن القانون الأردني قد شدد العقوبات لمكافحة هذه الظاهرة، يبقى الوعي المجتمعي سلاحا أساسيا في التصدي لها، وعلينا جميعا أن نكون على دراية بالمخاطر التي يمكن أن تنجم عن المعلومات المغلوطة والشائعات، وأن نكون حريصين على التحقق من مصادر المعلومات قبل تصديقها أو نشرها.