النصر المتبادل .. جريمة العصر والشعوب العربية يقودها مضللون
صالح الراشد
12-10-2024 12:35 PM
انتشرت الفيديوهات الفكاهية القادمة من الغرب بحق الكيان الغاصب، ليضحك عليها العرب ظانين ان مكانة الكيان تراجعت عند الحكومات الغربية أو أنها ستغير مواقفها الداعمة للكيان، وظللنا كعرب نسبح بجهل المحللين المُضللين في بحر الخيال بأن صاروخ واحد من المقاومة بالف صاروخ اسرائيلي، رغم أن الخسائر البشرية الفلسطينية في غزة وحدها تعادل خمسين ضعفاً من الخسائر الاسرائيلية، وهي خسائر تكتيكية فيما ألف قتيل اسرائيلي هم خسائر استراتيجية هكذا تم وصفهم ، والتكتيكية والاستراتيجية مصطلحان فضفاضان يمكن تأويلها بعدة طرق والغاية منهما صناعة النصر المتبادل الذي يعتبره الفلاسفة جريمة بشرية كونه يحافظ على وجود القيادات المتطرفة لجميع الأطراف المتحاربة والذين لا زالوا على قيد الحياة.
ان الصراع الفلسطيني الاسرائيلي أكبر بكثير مما يدور في فكر العوام الذي زرعته القنوات الفضائية بقوة المحللين المُضللين والسياسيين الانتهازيين والدكتاتوريين ، لنجد أن بعضهم قد روجوا بان حماس قد انتصرت بعد طوفان الأقصى وما يجري بعد النصر هو محاولة الاسرائيلية لاسترداد شرفهم المسلوب في السابع أكتوبر ، والله ذا ما جعل العديد من القيادات والعوام يتعاملون مع الشهداء كأوراق شجر أسقطها الخريف دون مرعاة لشعور الأهالي الذين كان لهم مع كل شهيد وشهيدة حُلم مستقبلي، بل ان لكل شهيد حلمه الخاص الذي يبحث عنه في الحياة، وللعلم فإن الشجر يبكي أوراقه المتساقطة لنجد أن العدوان الاسرائيلي قد جفف الآمال وحطم الأحلام وجعلها تتركز حول هدف واحد بأننا لن نرحل إلا صوب السماء، كون الأرض أغلقت بجدران من القرارات التي لا يعلم أحد من اتخذها ولا يدرك الكثيرون سلامتها.
وندرك أن المقاتل الفلسطيني قد سجل انجازاً يعتبر الأعظم في المواجهات العسكرية التي تعتمد على الشجاعة والجسارة، مما دفع بدول حليفة للمقاومة بالتدخل لنصرة لغزة، وأخرجت المجازر الاسرائيلية الجامعات الغربية في مظاهرات فيما الجامعات العربية تتخذ من جامعة الدول العربية قدوة لها في مفهوم الصمت التكتيكي، لكن الأهم تمثل بصحوة عرب الداخل بعد عام من المواجهات، وهذا هو الخطر الحقيقي على المجتمع الاسرائيلي المُسلح والذي قد يدخل في حرب أهلية بسبب انقسامه لطرفين مسلحين، الأول يدعم نتنياهو والثاني يطالب بوقف الحرب.
واذا استمر الوضع في الكيان والغرب بهذا السوء وتطور الضغط الجماهيري سنجد أن الموساد ستغتال أو توفر السبل لاغتيال نتنياهو على أمل أن يتوحد الاسرائيلية من جديد، وحتى تهدأ المنطقة ويرضى كل طرف بخساراته ويتغنى بالنصر غير الحقيقي، كون النصر المتبادل صناعة حديثة لاستمرار الحروب وبقاء القيادات في مناصبها وعدم تعرض أي منهم للمحاسبة، وتبني نظرية النصر المتبادل عند أحد الأطراف بمنع العدو من تحقيق أهدافه المعلنة مع أدراكنا بأن القائد الذكي لا يحدد أهدافه بشكل واضح إلا إذا أراد الوصول لما وراء الهدف، فيما الطرف الاخر سيعتبر زيادة أمن مواطنيه هو النصر، لتكون جميع الأطراف منتصرة ومهزومة نظرياً.
آخر الكلام:
يعبث البيت الأبيض بالعرب، فمن جهة يروج للبحث عن حل لانهاء الحرب وتبادل الأسرى، ومن جهة أخرى يبحث طرق الرد الاسرائيلي على الهجوم الإيراني، إن أمريكا تكذب باحتراف ونحن كعرب نهلل لكل مبادرة تولد ميته، فهل المبادرات ميتة أم نحن أمة عربية ميتة..؟!!