نهاية العصر الذهبي لإسرائيل
م. عمر الشرمان
11-10-2024 12:52 PM
في الماضي، كان زعماء إسرائيل يعرفون كيف يواجهون التهديدات الوجودية بذكاء. ففي عام 1947، قبل زعيمهم بن جوريون خطة تقسيم الأمم المتحدة قبل شن الحرب والتي أسفرت في نهاية المطاف عن قيام دولة يهودية على 78% من الأراضي الواقعة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط (فلسطين) . وفي عام 1967، أرسل رئيس الوزراء ليفي إشكول وزير خارجيته إلى البيت الأبيض، وقصر الإليزيه قبل شن العملية العسكرية الاستباقية التي عُرفت بحرب الأيام الستة ــ والتي ضاعفت حجم إسرائيل ثلاث مرات. وفي عام 2000 بادر رئيس الوزراء إيهود باراك إلى عقد قمة كامب ديفيد للسلام (التي فشلت في نهاية المطاف) والتي منحت إسرائيل الشرعية الدولية والداخلية للتغلب على الانتفاضة الثانية، التي اندلعت بعد شهرين.
ولكن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اختارت مسارا مختلفا. فقد شنت حربا في غزة من دون شرعية دولية، أو دعم دبلوماسي، أو حتى استراتيجية شاملة. كما مارست قوة عسكرية هائلة من دون تحديد أهداف سياسية واضحة وقابلة للتحقيق والتي راح ضحيتها أكثر من ٤٠ الف شهيد وتدمير كامل للبنيه التحتية والقطاع الصحي .
لقد غرقت إسرائيل بشكل أعمق في ثنايا غزة، متجاهلة توضيح السياقات الإقليمية والعالمية للصراع. باختصار لقد لعبت لصالح حماس على الرغم من الكلفه التى دفعت. لعدة اسباب منها صمود المقاومه لأكثر من عام واستخدام تكتيك جديد من نوعه في هذة الحرب والأمر الآخر هو وجود مشروع عسكري وسياسي لدى المقاومه وتطبييقه بخطى ثابته..
ومع تآكل الشرعية الدولية لإسرائيل، تدهور الوضع داخل البلاد أيضًا. فبعد الصدمة السابع من أكتوبر، تحركت الدولة الاسرائيلية المصدومة للعمل. وفي الأشهر التي تلت ذلك، استنفر المجتمع الإسرائيلي، وتعافى الجيش، وتشكلت حكومة وحدة وطنية.
ولكن في ضل هذة الحكومه المتطرفة والاستراتيجية المحددة، تبخرت بعض هذه الإنجازات بسرعة. ففي النصف الأول من عام 2024، انحلت حكومة الوحدة، وتفكك المجتمع من جديد، وترددت المؤسسة العسكرية، وبدأت الروابط بين إسرائيل وواشنطن في التآكل. وكان نحو مائة رهينة لا يزالون محتجزين في أنفاق غزة ، وأصبح نحو مائة ألف إسرائيلي لاجئين في وطنهم وكانت الحكومة الإسرائيلية بالكاد قادرة على العمل. وسيطر الساسة اليمينيون المتطرفون على مجلس الوزراء، وهاجم المتطرفون اليمينيون المدنيين في الضفة الغربية، وكانت السلطة الفلسطينية في خطر، وكان هناك امل متزايد من اندلاع انتفاضة ثالثة..
إن ما يحدث اليوم في الشرق الأوسط ليس حدثاً معزولاً، ولا مجرد جولة أخرى في الصراع العربي الإسرائيلي . فما حدث في السابع من أكتوبر إعاد خلط الأوراق من جديد، وهو حدث متعدد الأبعاد، ونطاقه أوسع من أي شيء حدث في القرن الحادي والعشرين. ويمثل هذا الصراع الجديد نهاية العصر الذهبي لإسرائيل الذي دام خمسة عقود.
فالإسرائيليون يخوضون حرباً لم يخوضوها منذ عام 1948. كما اهتزت الجالية اليهودية في الخارج بفعل هذة الحكومه التى مارست هذة الحرب بوحشيه وتدمير للبشر والجحر وقضت على كل معالم هذة المدينة.
نعم لقد ساهم السابع من أكتوبر في تعطيل العديد من الخطط والاستراتيجيات وأنهك جسم دوله إسرائيل فبدلاً من الاستثمار في العلوم والتعليم والتماسك الداخلي، أهدر الائتلاف اليميني المتطرف الموارد الوطنية ببناء المستوطنات والانخراط في استفزازات غير ضرورية. كما عمل على تقليص مؤسسات الدولة، وتقسيم المجتمع، وتآكل المؤسسة العسكرية، في حين أدى إلى تآكل الشرعية الدولية للصهيونية على مستوى العالم وظهرت صورة هذا الكيان بشكل أوضح..