تنمية الطفيلة لا تحتاج معجزات
جهاد المحيسن
20-05-2011 05:29 AM
كتب الزميلان مهند المبيضين ومحمد الصبيحي مقالين عما حدث في الطفيلة. إذ تناول الصديق المبيضين في مقاله ما جرى، مع تأكيده على عدم رضاه عن ذلك! ولكنه في الوقت ذاته شخّص جزءا من معاناة الطفيلة وغيرها من المحافظات التي تقع على طرف المركز عمان. أما الزميل الصبيحي فلم يكن في مقاله تشخيص لما حدث، واكتفى بوضع الطفيلة في عنوان مقالته، على أنه يفهم من السياق أن الأمن نعمة نحسد عليها.
ولكن بيت القصيد بقي مغيبا عند كثيرين ممن يبحثون ويكتبون عن تحقيق العدالة والتنمية التي تحقق الاستقرار والأمن. فالأمن مربوط بالعدالة، وفي حال حدوث خلل في طرفي المعادلة، فان الأمر يصبح في حالة تستدعي النظر إليه من زاوية أكثر تركيزا للولوج إلى عمق المشكلة. والخروج بالحلول لا يحتاج إلى مصباح علاء الدين أو معجزات نجترحها للخروج بحلول لما يعاني الناس هناك.
كنت أتمنى على كل من يتناول الحديث عن الطفيلة وما تعاني من فقر وبطالة وغياب لبرامج تنموية تساهم في خروجها من عنق زجاجة الفقر، أن يذهب إلى العمق في الحديث عن تلك المشاكل. فليس سرا أن خصخصة القطاعات الإنتاجية في الطفيلة قد أدت إلى إفقارها وتهميشها. وفي هذا السياق يجري الحديث عن مصنعي شركتي الإسمنت والفوسفات. فقد كانت هاتان الشركتان تشغلان المئات من أبناء الطفيلة الذين يعيلون الآلاف من أفراد أسرهم، وتم بكل بساطة قطع الطريق على الناس للعمل فيهما بعد برامج الخصخصة التي ندفع ضريبتها في الطفيلة وكل بقعة من بقاع الوطن.
كما أن غياب استراتيجيات للأمن المائي أدى إلى بوار الأراضي الزراعية، ما زاد من حدة الفقر لدى الناس. فليس من المعقول أن يقام سد وحيد في الطفيلة هو "سد التنور" الذي كان من المفترض أن يساهم في زيادة رقعة الأراضي المزروعة، علما أن الأراضي الصالحة للزراعة تبلغ مئات الآلاف من الدونمات. وبالتالي، إذا ما تم بناء السدود الترابية وتعزيز ثقافة الحصاد المائي فسوف يؤدي ذلك إلى تحسين أوضاع الناس الاقتصادية وتثبيت الناس في أرضهم بعد أن أصبحت طاردة للسكان.
والمخيب للآمال أن يكتشف المواطنون في الطفيلة أن هذا السد لم يكن لهذا الغرض، وإنما جاء لإمداد مصنع البوتاس، ولم يستفد الناس في محافظة الطفيلة من مياه سد التنور الذي أنشئ العام 1999 شمال المحافظة، رغم أنه كلف موازنة المحافظة على مدار سنوات أكثر من 22 مليون دينار!
ودولة الرئيس معروف البخيت في زيارته الأخيرة للطفيلة كان أجرأ من كثيرين عندما تحدث عن التهميش التاريخي الذي تعاني منه المحافظة، ولكن يبقى علينا جميعا المشاركة في صياغة الحلول التي -كما ذكرت آنفا- لا تحتاج إلى معجزات، فهي موجودة ولكن ينقصها القرار الذي يتخذ بشأنها للمضي في عملية التنمية، وبالتالي يتحقق الأمن!
jihad.almheisen@alghad.jo
(الغد)