ولاية المواطنين على الموارد وإدارتها
ابراهيم غرايبه
20-05-2011 03:50 AM
عندما تنص جميع دساتير العالم على ولاية المواطنين على مصائرهم وبلادهم ومواردهم، وأنهم (المواطنون) مصدر السلطات، وأنهم مؤهلون تلقائيا عندما يبلغون سنا معينة لتولي أرفع المناصب من غير حاجة لتخصص أو لغة ما، فإنها (الدساتير) تُسقط عمدا، وبإدراك مسبق، حجية وشرعية ادعاء المعرفة والتخصص ووصاية أي كان ولأي سبب على طريقة الناس وتفكيرهم في إدارة حياتهم وبلادهم. ويشمل ذلك أدق المسائل وأكثرها تخصصا (الطاقة النووية وتكنولوجيا المعلومات، على سبيل المثال)، تماما مثل ما يكون القاضي مؤهلا لأنه قاض للحكم والنظر في جميع النزاعات، حتى لو كانت على درجة من التخصص لا يعرفها إلا قليل من الناس.
وهكذا ببساطة، فإن المواطنين وحدهم، ولأنهم مواطنون، مهما كان مستواهم التعليمي أو الاقتصادي، يقررون ما هو الصواب والخطأ، لأن الصواب ببساطة هو ما يراه أغلب الناس وفق ما يرتضونه ويقررونه من وسائل للنظر والحكم صوابا، والخطأ هو ببساطة ما يراه أغلب الناس خطأ. فالحقيقة هي حقيقة اجتماعية وليست حقيقية، أو بعبارة أخرى فإن الحق والصواب والعدل في هيئتها وحالتها الحقيقية لا يملكها أحد من الناس، وليست ثمة طريقة للاقتراب منها أو إدراكها سوى ولاية الناس ومرجعيتهم وثقتهم.
ووفق هذه القاعدة، تستطيع الحكومة والشركات أن تنشئ عددا غير محدود من المشاريع الاقتصادية والاجتماعية. لماذا لا يفكر المتبرعون إلا في بناء المساجد، وبعض هؤلاء المتبرعين ببناء المساجد لا يكاد يتكلم العربية، ولا يعرف شيئا عن الدين برغم اسمه العربي؟ كذلك، هناك المؤسسات الدولية المتوقع أنها مستعدة وراغبة في تطوير وتمويل مشروعات كثيرة يديرها ويملكها المواطنون، أو يشاركون فيها الحكومة والشركات. فهيئة المعونة الأميركية تقدم كل عام خمسمائة مليون دينار على الأقل، ومنذ سنوات طويلة، أليس هذا الرقم الهائل والمتكرر يكفي لجعل كل مواطن يلاحظ أثر هذه المعونة على نحو واضح؟ هل يمكن للمواطن إذا سئل اليوم أن يلاحظ أثر هذه المعونات على مستوى حياته والخدمات التي يحصل عليها؟
ويمكن للمؤسسات الدولية والجامعات والنقابات مساعدة المواطنين ومشاركتهم في تحويل الغابات والصحارى والأراضي إلى مصدر مباشر ومتجدد وغير ملوث لاحتياجات الناس وحياتهم، الخشب بدلا من الحديد على سبيل المثال، والحبوب بدلا من الأرز. وإذا طورت المراعي، فسوف تكون مصدرا لثروة حيوانية وغذائية توفر كلف استيراد وإنتاج الأعلاف. والأعشاب الطبية يمكن أن تكون مصدرا لصناعات دوائية، والإنتاج النباتي والحيواني يمكن أن يكون قاعدة لسلسلة من الصناعات والمشاريع الكبرى الإنتاجية والتسويقية. وبطبيعة الحال، فسوف تنشأ شبكة أخرى عظيمة من الأعمال والاستثمارات في السياحة والنقل والخدمات والتعليم والصحة والترفيه، وهي أيضا سوق كبيرة للشركات الكبرى والأعمال الصغيرة والمتوسطة.
ibrahim.gharaibeh@alghad.jo
(الغد)