في زحمة الحياة وتعدد مسؤولياتها نرى أن نسبة الذين هم بدون زواج من الشباب والفتيات قد ارتفعت بصورة مخيفة تهدد أمن واستقرار المجتمع سواء على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي أو حتى على المستوى العام حيث أصبح الزواج مشكلة تعجز أمام حلها المعادلات الحسابية المعقدة!!. فالزواج بحد ذاته هو سنة الله في خلقه.
هذا الهم المجتمعي قد أصبح يشكل في النهاية ظاهرة أو كابوساً بات شبحه يهدد ملايين الفتيات والشباب في العالم وهو ما يطلق عليه أيضاً اسم «العنوسة».. وظاهرة العنوسة لدى الشباب والشابات تمثل مشكلة كبيرة تعاني منها الكثير من الدول.. فالشباب هم ركيزة المجتمع وعماد مستقبله.. واستقرارهم هو مطلب للجميع، وذلك لأن إستقرارهم هو الذي يزيد من قدرتهم على العطاء وقيادة مسيرة البلد المستقبلية.
البطالة تلعب دوراً هاماً في بقاء الشباب بدون زواج؛ إضافة إلى محدودية الفرص الوظيفية ونمطيتها التقليدية التي صارت إطاراً لا يبدو الخروج منه سهلاً.. فالبطالة حالت دون حصول الشاب على فرصة عمل تدر عليه دخلاً ثابتاً يمكنه من تحمل أعباء الزواج، فإذا وجد الشاب عملاً فإنه يتعذر عليه العثور على مسكن مناسب وبسعر معتدل ليتزوج فيه، وهكذا يمتنع عن الزواج ما دام غير قادر مادياً.
شباب وفتيات بعمر النضوج هم بدون زواج بسبب ارتفاع تكاليف الأفراح والمغالاة فيها من قبل بعض الأهل، فضلاً عن التشدد في تحديد مواصفات عش الزوجية والأثاث، والتي تفوق قدرة ودخول أغلب الشباب مما عمل على زيادة حجم المشكلة.. فقد أصبح المجتمع يتخبط بين عاداته وتقاليده وبين مفاهيم الحضارة.. العادات البالية أيضاً ساهمت في زيادة نسبة العنوسة مثل إصرار بعض الآباء أو الأمهات على ألا تتزوج الفتاة الصغيرة قبل الكبيرة، أو إصرارهما على أن تكون مواصفات حفل الزفاف ومكان إنعقاده لا تقل عن حفل زفاف شقيقة العروس، أو حتى صديقتها أو جارتها، فبعض الفتيات وأهلهن يريدون حفل عرس أسطوري يحكي عنه الناس.
وهذا للأسف ما نجده يتجسد واضحاً في مجتمعاتنا وذلك عن طريق عدم تفهم بعض الأسر للتحولات الإقتصادية الحديثة وما صاحبها من أزمات وتغيرات إجتماعية.. فبعض الأُسر لا تزال تطالب من يتقدم للزواج من بناتها بمطالب يعجز عن تلبيتها، حيت تحولت مشكلة العنوسة وفقا لهذا الاتجاه إلى مشكلة مادية بحتة.
إن البقاء بدون زواج أو «العنوسة» قد باتت ظاهرة اجتماعية تهدد وجود الأسرة إذا استمرت بالازدياد؛ كما أنها تهدد المجتمع ومنظومة القيم المتوارثة والسائدة ولابد من محاصرتها والحد منها وإيجاد الوسائل المناسبة لعلاجها.. وذلك عن طريق إعادة الإعتبار إلى شكل الزواج بوصفه رباطا أسريا وليس علاقة تجارية، والعمل على تنظيم الندوات والمحاضرات للتوعية بمفهوم الزواج.. فضلاً عن إقامة الأسواق الخيرية المختلفة التي تساهم في توفير متطلبات بيت الزوجية بأسعار معقولة.. أو القروض الميسرة لراغبي الزواج، على أن يتم تقسيطها وفقاً لظروف مناسبة!!.
Diana-nimri@hotmail.com
(الرأي)