facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عندما يتآمرون على عقولهم ..


محمود الدباس - ابو الليث
10-10-2024 12:57 PM

منذ سنوات طويلة.. والمجتمعات العربية تعيش في حالة من الانكسار المتواصل.. يحاصرها الفساد والفقر والبطالة.. ورغم كل ذلك.. تجد الكثير من الناس يعيشون في حالة من النشوة والفرح الكاذب.. كلما سمعوا خبراً يعزز أحلامهم.. أو يرضي تطلعاتهم.. وكأنهم يجدون في تلك الأخبار ملاذاً من الواقع المرير.. يتعقبون السراب.. ويبنون عليه قصوراً من الوهم.. ولربما أجد لهم بعض العذر في ذلك.. فالحلم أحياناً يصبح الملجأ الوحيد لمنهكي الروح..

لكن ما لا أستطيع أن أجد له أي عذر.. هو هذا الرفض المستميت لسماع الحقيقة حين لا تتماشى مع أحلامهم.. وكأنهم اختاروا أن يصموا آذانهم.. ويغلقوا أعينهم عن كل ما يتناقض مع ما يريدون تصديقه.. والأسوأ من ذلك.. أنهم لا يتوقفون عند رفض الحقيقة فحسب.. بل يوجهون سهامهم المسمومة لكل من يحاول أن يكشف لهم الواقع كما هو.. فيصفونه بأبشع الأوصاف.. من متعاون مع الفاسدين.. إلى مدافع عن الطغاة.. إلى خائن ومروج لأفكار الأعداء.. وكأن قول الحقيقة أصبح جريمة..

وهذا ما رأيناه في مسار الربيع العربي.. حيث كان التفاؤل كبيراً بأن الثورات ستؤدي إلى تغيير فوري وديمقراطي في الأنظمة السياسية.. وبدأت الشعوب تتعلق بهذا الحلم.. بينما كان هناك من يحذر بأن الأمر أكثر تعقيداً.. وأنه لن يكون بهذه السرعة أو السهولة.. لكن كل من حاول إبراز تلك التحديات اعتبر خائناً أو متآمراً.. فتزايدت الاتهامات لكل صوت ينادي بالتروي.. أو بالدعوة للحوار مع الأنظمة.. والنتيجة أن دولاً عديدة سقطت في الفوضى والاقتتال الداخلي.. بعد انهيار الأنظمة دون بدائل قوية.. وهنا.. لم يعد للحلم مكان.. وتحولت النشوة إلى كابوس..

وفي المجال الاقتصادي.. لبنان يقدم مثالاً آخر عن كيفية تآمر العقول على نفسها.. فلطالما كانت النخبة السياسية.. ووسائل الإعلام.. تقدم صورة وردية للاقتصاد اللبناني.. وتروج لاستثمارات ومشاريع عملاقة.. بينما كانت المؤسسات المالية تحذر من انهيار محتمل للنظام المالي.. وعندما بدأت أصوات العقل تطالب بالإصلاح المالي قبل وقوع الكارثة.. وصَمَّ الناس آذانهم.. واتهموا من يحذر.. بأنه متآمر مع الخارج.. أو عدو للتنمية.. وفي نهاية المطاف.. انهار الاقتصاد كما حُذّر.. وتبخرت الودائع.. وأصبح المواطن البسيط ضحية أوهامه التي لطالما صدقها ودافع عنها..

في هذا السياق.. تبرز نظرية الإعلام الانتقائي.. والتي توضح كيف يتحكم الإعلام في توجيه الرأي العام.. ويجعل الناس يسمعون ما يريدون سماعه فقط.. فوسائل الإعلام تركز على الشخصيات المؤثرة لتوصيل رسائل محددة إلى الجمهور.. رسائل تغذي ما يرغبون فيه.. وتزيدهم تعلقاً بوهمهم.. وهكذا يبقون في دوامة الأحلام الزائفة.. دون أن يفيقوا.. إلا بعد فوات الأوان.. ولكن حتى عندما تقع الكارثة.. تجدهم يبحثون عن مبررات تبرئ معتقداتهم السابقة.. وكأنهم في حرب مع الواقع ذاته..

الإعلام ليس بريئاً في هذا المشهد.. فهو يعرف تماماً كيف يوجه الرسائل.. وكيف يستغل حاجة الناس إلى الأمل.. فيبني لهم عالماً موازياً.. خالياً من الحقائق.. مفعماً بالأوهام.. وعندما يسقط هذا العالم.. يدفع المواطن البسيط الثمن.. ويبقى الإعلام كما هو.. يختلق قصصاً جديدة.. ويوجههم إلى أوهام أخرى..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :