"الأدنى للأجور" .. استحقاق قانوني
محمود الخطاطبة
10-10-2024 12:48 AM
ما تزال وزارة العمل تُفكر بفتح حوار مع أطراف الإنتاج (الحُكومة وأصحاب العمل والعمّال) بخصوص موضوع رفع الحد الأدنى للأجور، والبالغ 260 دينارا شهريًا، على الرغم من أنه لم يجر أي تعديل عليه منذ أكثر من أربعة أعوام، فضلًا عن أنه استحقاق قانوني وإنفاذ للمادة 52 من قانون العمل.
وللعلم فقط، فإن الحُكومة السابقة أقرت رفع الحد الأدنى للأجور اعتبارًا من بداية العام 2025، وذلك بعد أن أوقفته للأعوام: 2022 و2023 و2024، بحجج واهية.
الحُكومات المُتعاقبة كُلها، وبلا استثناء، لا تلتفت أبدًا إلى المواطن أو همومه أو أوضاعه المعيشية، وقد يكون هذا الأمر اعتاد عليه المواطن، المغلوب على أمره، وأصبح بنظره وضعًا طبيعيًا، فتلك الحُكومات لا تدخر فُرصة وتستطيع من خلالها «غزو» جيب المواطن إلا وتُقدم عليه، وبضمير مرتاح.
يبدو أن المواطن قد اعتاد على مثل ذلك، خصوصًا أن الحُكومات لا تستمع إليه، ولا تُعير أيّ اهتمام للمصاعب التي تواجهه، لكن أن تتجرأ حُكومات على القانون، وتُعيقه أو تُعطله، لأسباب ليست مصيرية أو مفصلية، فهذا لم يكن بالحسبان أبدًا، والخوف أن يتكرر فعل ذلك، ويُصبح «سُنّة».
تعطيل قانون أو تجميده لسبب مفصلي، أمر محمود، لا بل ومُطالب به، فعندما يتم إرجاء رفع الحد الأدنى للأجور، بحجة فيروس كورونا، فعلى الجميع أن يلتزم الصمت، ويُنفذ القرار بكل صدر رحب، لكن هذا الفيروس انتهى، وانتهت معه الظروف والإجراءات والسياسات التي اتخذت بسببه، إلا أنه وحتى الآن لم يتم رفع الأجور، من غير معرفة ماهية الأسباب أو حتى الحجج.
الحُكومة، مُمثلة بوزارة العمل، مُطالبة الآن بضرورة رفع الحد الأدنى للأجور، فمبلغ 260 دينارًا شهريًا لا يكفي لفرد واحد، في حال تم حسبة ارتفاع تكلفة المواصلات العامة، ونسبة اقتطاع الضمان الاجتماعي وكذلك التأمين الصحي، في حال كان هُناك مثل ذلك بالأصل.
الأمر لا يحتاج إلى اجتماعات ولقاءات ومُناقشات، كونه بسيط جدًا، فنحن أمام مبلغ زهيد من المال، لا يكفي شخصًا أعزب، وليس متزوجًا ولديه أُسرة وشقة بالأُجرة، ناهيك عن مُتطلبات الحياة الأُخرى.
نأمل، ألا تقف الحُكومة الجديدة، على الأقل هذه المرة، بصف صاحب العمل على حساب المواطن، كما كان ديدن الكثير من الحُكومات، فالمواطن الأردني وصل إلى مرحلة لم يعد معها يحتمل أي ضغوطات، خصوصًا في ظل وجود إقليم مُلتهب، باتت مُعظم دوله في مرمى نيران الحرب.
رفع الأجور، حق قانوني، لا يجوز تجاوزه لأسباب أقل من عادية، خصوصًا في ظل ما تشهده الأوضاع من غلاء للأسعار والمعيشة بشكل عام، كما أن الزيادة التي يتم فرضها حتمًا سيُنفقها المواطن على الغذاء والصحة والملبس، ما يعني ببساطة تحريك عجلة الاقتصاد.
بالإضافة إلى أنه ركن أساسي لمواجهة مُعدلات الفقر المُرتفعة، والتي لا تُفصح عنها دائرة الإحصاءات العامة، حتى كتابة هذه السطور.
الغد