ليس منا من لم يشعر يوما أن هناك لحظة في حياته توقف فيها فجأة، وكأن العالم يضع ثِقَله على أكتافه، هذه اللحظة هي نفسها التي نشعر بسبب ثقلها أن شيئًا ما كان من المفترض أن يحدث، لكنه لم يحدث... وربما هي ما يسمى بخيبة الأمل، فتماما هي مثل شعور يتملكك عندما تتوقع أن تُفتح لك أبواب جديدة، وتجدها مغلقة بإحكام، أو مثل وعد قطعته الأيام لك ثم أنك نسيته من طول الانتظار.
ووقوفا عند أكثر المشاعر التي تختلط بخيبة الأمل، فهي تلك التي نشعر بها تجاه الأشخاص المقربين، حين نتوقع منهم أن يكونوا بجانبنا في لحظات ضعفنا، أو أن يُدركوا مشاعرنا دون أن نتحدث، لكن الحقيقة أن تركيبة النفس البشرية معقدة تماما، ننتظر من الآخرين أن يعاملونا بالطريقة التي نعاملهم بها، وننتظر منهم الاهتمام أو الدعم، وحين يخيبون ظننا، نكتشف أن التوقعات الزائدة تترك في القلب فجوة غير مفهومة، ومع ذلك نستمر برفع سقف التوقعات إلى أبعد من المعقول.
وحتى أكون منصفة، فأحيانًا لا تكون خيبتنا مرتبطة بالآخرين، بل بأنفسنا للأسف، نلوم أنفسنا لأننا لم نصل إلى ما كنا نطمح إليه، نضع ضغوطًا كبيرة على أرواحنا، ونُحمِّلها فوق طاقتها، ونتمنى أن نكون أقوى، أكثر نجاحًا، أكثر سعادة، أكثر نشاطا ... إلخ، ولكن لو ركزنا في لحظات الصدق مع الذات، ندرك أننا بشر، نخطئ، نتعثر، نُذنب، نتوب، نقسو، نعتذر، فتكون خيبة الأمل تلك بمثابة دعوة لأن نتقبل أنفسنا بضعفنا قبل قوتنا.
ومع مرور الوقت نتأقلم كعادتنا مع أي مشاعر أخرى، وتصبح خيبة الأمل جزء من الحياة، لا يمكننا الهروب منها، ولا حتى الوقوف عندها، وأحيانا نستطيع التعامل معها، وأحيانا أخرى نترك لها قيادة الدفة فتنتصر وتهزمنا، والمصيبة الكُبرى حين تسمع صدى أصوات تلك الخيبة وهي توصل لك رسالة تخبرك فيها بأن هناك شيئًا آخر في انتظارك، وأن الطريق الذي كنت تسير فيه كل هذه الفترة لم يكن هو الاختيار الصحيح.
وتأكدوا أحبتي، وإخوتي، وأعزائي، وأياً تكونوا، أن خيبة الأمل ليست نهاية الحكاية، وإن هي أشعرتنا بالمرارة، فهي في المقابل تُذكرنا أيضا بأن الحياة ليست دائما كما نريد، وقد تكون تلك اللحظة هي فرصة للتفكير، لإعادة ترتيب أولوياتنا، أو ربما لتغيير اتجاهنا بالكامل، مع ثبات كافة المبادئ التي لا تقبل أن تتجزأ في داخل كل منا، إن وُجِدَتْ.
وللحديث بقية ...