الأردن تحت خط مؤشر المعرفة العالمي فما العمل؟ (2)
د. أميرة يوسف ظاهر
08-10-2024 01:23 PM
واستكمالًا لمؤشرات المعرفة العالمي الذي كان الاستهلاك فيه للتعليم ما قبل الجامعي والتعليم الجامعي والتعليم التقني والتدريب المهني وتكنولوجيا المعلومات، نتساءل عن انخفاض مؤشر الإقتصاد ومؤشر البيئة التمكينية وهما مؤشران في مساحات التنمية، وكان من الطبيعي انخفاض المؤشرين نتيجة انخفاض مؤشرات التعليم بكل قطاعاتها، فالاقتصاد في هذا القرن بدأ يعتمد على المعرفة، وليس على القطاع الإنتاجي التقليدي، وهنا يتقاطع التعليم والبحث والتطوير كقطاعات تسهم في تطوير الاقتصاد المبني على المعرفة، ويأتي الأردن في المركز الرابع عربيًا والسبعين عالميًا في مؤشر الاقتصاد، وقد كانت الأردن في موقع أفضل عام 2020.
وتعتبر الأردن من الدول المتقدمة عربيا في استخدام المعرفة لإنتاج الاقتصاد المعرفي، فهي من الدول المتقدمة نسبيا في استخدام الحواسيب والهواتف، والتي لا تتعدى تكلفتها 10% من قيمتها السوقية، وهذا يقدمنا كدولة تعتمد اقتصاد المعرفة ولا تعتمد على المعرفة، ولذلك كانت مؤشرات المعرفة مترابطة، وكان البحث العلمي والابتكار مؤشر متراجع في الأردن والدول العربية، مع أن اقتصاد المعرفة قد بدأ مع بداية الحرب الباردة، ولكنا لم نستطع أن نقدم أنموذجا اقتصاديا يعتمد على المعرفة نتيجة تخصيصنا جزء كبير من موازناتنا للدفاع بسبب وجود عدو ايديولوجي هو العدو ، فتراجعت الموازنات المخصصة للبحث العلمي والتعليم، وهذا يفسر صعود المؤشر الاقتصادي والبحثي والتمكيني لدى الدول الأبعد عن بؤرة الصراع العربي الاسرائيلي.
وفيما يتعلق بالبيئة التمكينية فيشمل الإنفاق على التعليم وتقديم الخدمات الاجتماعية والبيئية ومستوى الحوكمة، وطلب المساعدات الدولية للحد من الأمية والفقر، وقد تطورت البيئة التمكينية لتشمل تقديم خدمات لوجستية تتعلق بتطوير الشبكة العنكبوتية، وتقديم التعليم الرقمي المجاني، وتسهيل وجود تطبيقات ساهمت مع أدوات أخرى في تطوير الحكومة الإلكترونية التي يتمكن المواطن العادي من استخدامها.
ولكن في ظل السباق على مؤشر المعرفة العالمي، نتساءل عن سبب وجود دول عظمى تقع متخلفة عن بعض الدول التي نراها من الدول الساكنة كسويسرا والسويد، والجواب أن مؤشرات المعرفة والتنمية ستتجاوز مقاييس القوة، وسيكون بوسع هذه الدول أن تتحول إلى دول عظمى في إطار مؤشرات المعرفة، فسنغافورة التي لا تمتلك مواد أولية ومعها كوريا الجنوبية تسبق كثيرا الكثير من الدول الكبرى والأقوى عسكريا، وكيان الاحتلالي الذي ينشغل في صراعات عسكرية وأيديولوجية، يقع ضمن ال 15 دولة الأولى في العالم في المؤشر العام والمؤشر الإقتصادي يقع في ذات النطاق، وهذا يعطي انطباع جهود الدول التي تبحث عن مستقبل لأبنائها في التعليم والتنمية والعمل بجهود منقطعة النظير لوضع نفسها ضمن المقاعد الأولى في المؤشر الدولي.
ما الذي يضعنا في المقاعد الخلفية ضمن مؤشرات الاقتصاد والبحث العلمي والبيئة التمكينية؟ سؤال كبير أمام الحقائق الماثلة فيما يتم الوصول إليه، فقد بلغت نسبة البطالة في الأردن خلال السنوات الأربع الماضية إلى 21.4% وهو اعلى من المعدل العالمي بما يزيد عن ست نقاط، وان نصيب دخل الفرد من الناتج القومي لا يزيد عن 13 ألف دولار، ودخل الفرد السنوي لعام 2023م لم تتعدَ 4850 دولار، بينما هي في الإمارات العربية المتحدة 82000 دولار، وفي لوكسمبورغ 135605 دولار، والمعدل العالمي لدخل الفرد 18381 دولار، وهذا يقع في حسابات تراجع مؤشر المعرفة العالمي، فدخل الفرد ونصيب الفرد من الدخل القومي يؤثر على المستوى التعليمي، وعلى التقنيات التعليمية الحديثة وأدوات الإنتاج، وعلى الحوكمة والنزاهة، وهناك عوامل كثيرة تتأثر بشكل مباشر بانحدار مؤشرات الاقتصاد والبيئة التمكينية والبحث العلمي، وحكومتنا الجديدة بصدد مواجهة السؤال الأهم: كيف السبيل إلى معالجة الاختلافات للارتقاء بمؤشر المعرفة خلال العام القادم؟.
"الدستور"