لا تتطلبوا المستحيل والمعجزات
علي القيسي
08-10-2024 12:50 PM
طالما أولادكم الذين لا يموتون ولا يتقطعون إرباً وأشلاء ولا يدفنون تحت الانقاض من جحيم الطائرات واسلحة الدمار الشامل ودبابات المريكفا .
وطالما حياتكم وبيوتكم ومصالحكم التي لا تدمر وتسوى بالأرض وانتم في العواصم والمدن الآمنة .
وطالما نساؤكم اللواتي لا يترملّن ولا يتثكلنّ ولا يحزنّ ولا يموتن قهرا وألما على اطفالهن وأزواجهن وأهاليهن ولايشعرن بالجوع والخوف والذل والهوان في ظروف النزوح المتواصل من مكان غير آمن إلى مكان أكثر رعبا وموتا.
وطالما الكارثة بعيدة عن رؤوسكم وأنتم في أوطانكم تنعمون وتترفون بالحياة وبرغيدها تتنقلون وتنعمون بالأمن والسلام والراحة في سياراتكم وبيوتكم المكيفة وثلاجاتكم العامرة بما طاب ولذ من صنوف الطعام والشراب.
فلا عجب أن تجلسوا أمام شاشاتكم وتفرحوا لهذه الكوارث والتي تحسبونها وتظنونها نصرا وانتصارات ، والتي تحل بأهل غزة وفلسطين ولبنان ،وتطالبون الشعب والمقاومة بالمزيد من الصمود والموت والاستبسال حتى تجيروا مصائبهم وكوارثهم وأحزانهم وانكساراتهم إلى نصر حقيقي تحسبونه ليشفي عجزكم واحباطكم وثأركم من عدوكم وأنتم بعيدون كل البعد عن التضحية حتى بالقليل من اموالكم ثم تتقنون فنّ الدفاع عن الكارثة التي أحلت بهم وتعتبرون ذلك جهادا مشروعا وواجبا عليهم للتحرير أمام عدو يملك أضخم وأحدث ترسانة عسكرية في العالم ومعه قوى كبرى تملك مفاتيح الحرب والمال والسلاح والقرار العسكري والسياسي والقانوني وتحويل الحق إلى باطل والباطل إلى حق ،
فيما أمتكم دولا وحكومات تشاهد منذ عام هذه الكارثة التاريخية الرهيبة وهي عاجزة عن تقديم حتى حبة الدواء وشربة الماء النظيف ، ولا نقول السلاح والرجال والطائرات .
فلا تحملوا الأمور اكثر من طاقتها وتتطلبون المعجزات والمستحيلات من شعب انهكته الحروب والحياة وخذله القريب والبعيد والعدو والصديق، بل العالم كله خذله.