تعديلات جذرية على النظام الضريبي البريطاني!
د. عادل محمد القطاونة
08-10-2024 12:14 AM
لطالما كان موضوع الضريبة مثالاً للجدل في أي دولة من الدول؛ في بريطانيا كان هناك تحولات جذرية في المشهد الضريبي منذ قدوم حزب العمال للسُلطة قبل شهور، العاصمة البريطانية لندن والتي تعتبر مركزاً عالمياً للأعمال والمال، وهي من أكبر المدن الجاذبة للاستثمارات والأثرياء في العالم، شهدت خلال الفترة الأخيرة تجاذبات بين الحكومة والأفراد على خلفية التصريحات التي أدلى بها بعض المسؤولين عن الضرائب.
السياسات الضريبية الجديدة التي تبنتها الحكومة البريطانية فرضت العديد من التساؤلات حول مدى تأثيرها على الطبقة الغنية بالبقاء في بريطانيا أو المغادرة ، حيث يرى البعض أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى حدوث تغيرات كبيرة لدى شريحة من المواطنين الذين سيتأثرون بشكل مباشر أو غير مباشر، مما قد يؤدي إلى بحثهم عن دول أخرى لديها معدلات ضريبية أقل !
تشمل خطط التعديل الضريبي العديد من الإجراءات ومن بينها: فرض ضريبة بنسبة (40٪) على الثروة الخارجية، وفرض ضريبة على الفائدة المحمولة - جزءمن عوائد الاستثمار، المشتركة بين مديري الصناديق - بمعدل يصل إلى (45٪) بدلاً من (28٪) حالياً.
في مقابل ذلك، كتبت شركة General Atl مؤخراً إلى الخزانة البريطانية لتحذر من أن بعض العشرات من صانعي الصفقات في لندن التابعين للشركة الأميركية قد يغادرون إذا مضت الخطط لزيادة الضرائب على الفائدة المحمولة قدماً، وأشارت الشركة إلى أن أكثر من نصف فريق الاستثمار المكون من حوالي خمسين عاملاً في لندن ليسوا مواطنين بريطانيين، وأن وجود التزامات ضريبية إضافية على بعض العاملين سوف يكون له تأثير سلبي على مستوى الخدمات المقدمة..!
الحديث عن العبء أو الإرهاق الضريبي، الجهد والانعكاس الضريبي في أي دولة يستوجب دراسات عديدة يتم من خلالها تحديد مدى قدرة الأفراد والشركات على تحقيق الأهداف المرجوة، فمجموع ما يدفعه المجتمع من ضرائب خلال فترة زمنية معينة لتمويل النشاط العام، وإجمالي الضرائب التى يدفعها المجتمع فعلا منسوبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، وكذلك عند نسبة الايرادات الضريبية المتحققة إلى الطاقة الضريبية المقدرة "العبء الضريبي الامثل" والمدى الذى يتحمله المجتمع في شكل ضرائب أو الكم الذى استغلته الدولة من الطاقة الضريبية، كل ذلك أدى إلى أن يصبح المجتمع أكثر تفاعلاً مع أية مستجدات في الملف الضريبي لانعكاساتها على الواقع الاقتصادي والاجتماعي للمواطن..!
في الأردن، شهدت دائرة ضريبة الدخل والمبيعات إصلاحات جوهرية في الملف الضريبي خلال السنوات الخمس الماضية وتقدمت في الكثير من الإنجازات، واستطاعت أن تحقق نقلة كبيرة في الخدمات والإجراءات، مما أسفر عن تحقيق إيرادات بلغت حوالي 6.27 مليار دينار أردني في عام 2023؛ في ما بلغت نسبة العبء الضريبي حوالي 24.2٪ من دخل الفرد وفقاً لدراسة أجريت العام 2022، توزعت هذه النسبة بين الضرائب غير المباشرة والضرائب المباشرة واقتطاعات الضمان الاجتماعي.
على الرغم من كل ذلك، يرى البعض أن هنالك إختلالاً في نسبة الضرائب المباشرة من إجمالي الإيرادات الضريبية، وهو ما يعتبر تحدياً لتحقيق العدالة الضريبية، يتطلب ذلك إعادة هيكلة النظام الضريبي ليكون أكثر مرونة وعدالة عبر توسيع قاعدة المكلفين، تعزيز الشفافية في تبادل المعلومات، زيادة إستخدام التكنولوجيا الحديثة والرقمية والذكاء الاصطناعي، من أجل مواكبة أفضل الممارسات العالمية في العمل الضريبي.