facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الانكشاف الاستراتيجي العربي … لماذا؟!


د.أحمد بطاح
07-10-2024 09:16 PM

إنّ من المُلاحظ تماماً في هذه الآونة التاريخية بروز ثلاث قوى إقليمية كُبرى في منطقة الشرق الأوسط وهي: إيران وتركيا وإسرائيل، كما أنّ من المُلاحظ تماماً غياب القوى العربية التي يمكن أن تنافس هذه القوى أو تحدّ من تمدد نفوذها، ففيما يتعلق بإسرائيل لم يكن غريباً أن يتحدث نتنياهو بعد نجاحه باغتيال العديد من القيادات في المنطقة عن تغيير وشيك في الشرق الأوسط، بل لقد تحدث عن ذلك صراحة في خطابه الأخير في الجمعية العامة للأمم المتحدة مُخيّراً شعوب المنطقة بين واحدة مزدهرة وناجحة بقيادة إسرائيل، وأخرى متوترة وفاشلة وشريرة تقودها إيران!

أمّا إيران فهي تنافس إسرائيل في هذا الفضاء الاستراتيجي مستعينة بحلفائها (أو أذرعُها إن شئتّ) في لبنان، وسوريا، والعراق، واليمن، ولا شك أنّ الضربات المتبادلة السابقة والقادمة بين إسرائيل وإيران تأتي في هذا السياق، وفيما يتعلق بتركيا فلا أحد يُنكر أنها أصبحت قوّة وازنة في الإقليم ولها نفوذها المُعتبر في سوريا (تحتل بعض أجزاء من سوريا ولها ميليشياتها في أجزاء أخرى)، وفي ليبيا كذلك، وهي على خلاف مرير مع إسرائيل في الوقت الحاضر بسبب حربها الهمجية على قطاع غزة، كما أنها على خلاف غير مُعلن مع إيران، وغني عن القول أنها تراقب النفوذ الإيراني (الشيعي)، وتعُد نفسها القوة الإسلامية الرئيسية (السنية) في المقابل.

إن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: لماذا هذا الانكشاف الاستراتيجي العربي؟ إنّ هنالك أسباباً موضوعية كثيره تقف وراء هذا الانكشاف ولعلّ أهمها:
 أولاً: غياب جمهورية مصر العربية بالمعنى القومي العربي الاستراتيجي، وذلك نتيجة لوضعها الاقتصادي الصعب في هذه المرحلة، وانشغالها بمواجهة الأخطار الآتية من الجنوب وبالذات من إثيوبيا التي بنت سد النهضة ورفضت التنسيق مع مصر بشأن حصص المياه، كما أنها عقدت اتفاقية "مع أرض الصومال" (قطاع منشق عن جمهورية الصومال) لفتح ميناء لها على البحر الأحمر (إثيوبيا دولة مغلقة لا منافذ لها على البحار)، والواقع أن مصر تخلت عن دورها الاستراتيجي في الشرق العربي منذ عقدت اتفاقية "كامب ديفيد" في عام 1978 مع إسرائيل حيث كبلتها هذه الاتفاقية وجعلتها عاجزة عن التحرك وبالذات ضد إسرائيل التي تشكل خطراً إستراتيجياً ليس فقط على فلسطين، بل على الدول العربية الأخرى وبالذات سوريا ولبنان والأردن والعراق.

ثانياً: انهيار بعض الدول العربية المهمة مثل العراق بعد الغزو الأمريكي في عام 2003، وسوريا وليبيا واليمن بعد الربيع العربي الذي بدأ في تونس عام 2011، وقد تفاقمت الأمور أكثر بعدما حصل في السودان أخيراً من نزاع بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، الأمر الذي تمخض عن شبه انهيار مأساوي في البلاد.

ثالثاً: الدعم الغربي اللامحدود الذي توفره الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة لإسرائيل فرغم أن إسرائيل تجاوزت كل الحدود في حربها على قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر فإن الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة ما تزال توفر لها كل أشكال الدعم بل يبدو أنها ستوفر لها الدعم حتى عندما تتطلع إلى" التسيّد" على الشرق الأوسط كما أعلن نتنياهو بغطرسته المعهودة!

رابعاً: تستُر بعض القوى الإقليمية "بالطائفة" "والمقاومة" لمدّ نفوذها على حساب الأمن القومي العربي، إذ من الواضح أن إيران "تدعم" الطائفة التي تعنيها بشكل أساسي وهي الطائفة الشيعية (حزب الله في لبنان والحوثيون في اليمن مثلاً)، كما أنها تستغل دعمها للمقاومة (كما في حالة دعم حماس مثلاً) لتوسيع دائرة نفوذها الإقليمي، وبغض النظر عن صدق نواياها في دعم "المظلومين" و "المستضعفين" وفي نصرة "المقاومة" ضد إسرائيل فإن النتيجة تظل واحدة وهي: النفوذ الإيراني في الإقليم على حساب الأمن القومي الاستراتيجي العربي.

خامساً: عدم نجاح بعض الدول العربية المركزية كمصر والسعودية في تغيير تحالفاتها الغربية واستبدالها بتحالفات مع الأقطاب الجديدة في العالم كالصين وروسيا وذلك لضمان الحد من النفوذ الغربي (الذي يقف مع إسرائيل على طول الخط وبالضد من المصالح العربية)، ولضمان استقلالها وتنويع خياراتها، الأمر الذي يمكنها من لعب دور مستقل وحريص على المصالح العربية في الإقليم.

وختاماً فإنّنا لا نبالغ في الواقع إذا قلنا بأنّ الوطن العربي يعيش مرحلة "انكشاف استراتيجي" تبدو فيه دوله بشكل عام ضعيفة، ومعتمده على قوى كبرى، ولا تستطيع أن تتعاون مع بعضها لضمان المصالح العربية العُليا، وبخاصة في ظل غياب "الدولة الكبرى القائدة" التي تستطيع أن تلعب الدور المركزي المْسَتقْطِب للدول الأصغر والرامي إلى الحفاظ على المستقبل العربي من خلال تحجيم القوى الإقليمية الأخرى إنْ لم نقل تحييدها. 





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :