facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الوهم الذي أعمى العقول وسرق الحقيقة


محمود الدباس - ابو الليث
07-10-2024 12:20 PM

يحكى أن نابليون بونابرت.. الجنرال الذي لا يشق له غبار.. كان يشعل حماس جنوده بوعود من نار.. يُغذيهم بشعارات النصر القادم.. والمجد القريب.. حتى بعد الهزائم المدوية.. وقف نابليون يخطب فيهم قائلا.. إن هذه الهزائم ليست إلا مقدمة لنصر أعظم.. ولكن هذه المرة.. كانت نظرات الجنود خاوية.. خالية من الحماس.. ممتلئة بالشك.. حينها أدرك نابليون أن الشعارات البراقة.. مهما كانت قوية.. تصبح مجرد هواء عندما تُسند إلى أكاذيب.. وتخيلات لا تمت للواقع بصلة..

الشعارات.. تلك الأداة التي تتقنها الحكومات.. تُطلقها لتسكت بها أصوات الشعوب.. فتكون بمثابة الأفيون الذي يهدئ مطالبهم.. تجدها تعد بالرخاء والتنمية.. ترسم للمواطنين صورة خيالية لما سيكون عليه المستقبل.. فينخدع البعض.. يعيش في وهم انتظار النعيم.. ويتناسى أن هذه الحكومة ذاتها.. هي التي وعدته بالأمس القريب.. ولم تفِ بوعدها.. ومع ذلك.. يظل ينتظر.. وكأن الأحلام تغلب على عقولهم.. تلهيهم عن حقيقة الواقع.. والأنكى والامر.. أن معظم ما يعانيه المواطن.. هو بسبب تلك الحكومات.. والتي لا تنفك عن اصدار واطلاق الوعود والشعارات..

لكن ليست الحكومات وحدها من يتقن هذه اللعبة.. فالأحزاب والتنظيمات السياسية.. والمرشحون للانتخابات.. يستخدمون ذات الأسلوب.. فتجد المرشح يعد بالإنجازات الخارقة.. وبأنه سيغير الوضع من الأسوأ إلى الأفضل.. ويطلق شعارات تفوح منها رائحة الخلاص.. فيهرع المواطنون لوضع أصواتهم في صناديقهم.. وكأنهم وضعوا مفاتيح المستقبل في أيديهم.. ولكن ما إن يصل ذلك المرشح إلى كرسيه الموعود.. حتى تبدأ الوعود بالتبخر.. وتصبح الشعارات التي كانت تُزين خطبه مجرد ذكرى عابرة.. وكأن كل شيء قد انتهى عند الفوز..

الأحزاب والتنظيمات أيضا ليست ببعيدة عن هذه اللعبة.. فتجدها تُطلق شعاراتها بنبرة عالية.. وعودا بإنقاذ الوطن والمواطن.. وكأنها تحمل عصا سحرية ستغير بها الواقع المرير.. ولكن عندما تُواجه بالحقيقة.. تكتشف أن هذه الشعارات ليست إلا كلمات جوفاء.. تُطلقها لجذب المؤيدين.. وتسويق الوهم بين الناس.. وكلما زادت قوة الشعارات.. زاد الانبهار بها.. ولكن.. عندما يحين وقت الحساب.. تتكشف الحقائق.. ويتضح أن لا شيء قد تحقق..

المشكلة والمصيبة ليست فقط في من يطلق هذه الشعارات.. بل أيضا في من يصدقها.. وكأن عقولهم قد تعطلت تماما.. تجدهم يعيشون في وهم الوعود.. وكأنهم يخشون مواجهة الحقيقة المرة.. يتبعون الحكومة.. أو الحزب.. أو المرشح.. دون أن يسألوا أنفسهم.. هل هذه الشعارات قابلة للتحقيق؟!.. هل يمكن بالفعل لهذه الوعود أن تتحقق.. أم أنها مجرد أحلام وردية.. تُباع لهم بسعرٍ غالٍ من الوهم؟!..

ما الذي يمنع هؤلاء من الرجوع خطوة إلى الوراء.. وإعطاء عقولهم فرصة قصيرة للتحليل؟!.. أن ينظروا بعمق إلى الشعارات التي تُطلق حولهم.. ويسألوا.. هل هذه الشعارات قائمة على حقائق؟!.. أم أنها مجرد خيالات رسمها لهم من لا يهمه سوى كسب دعمهم المؤقت؟!.. لو فعلوا ذلك.. لأدركوا كم كانوا يعيشون في أوهام.. وأن كل هذه الأحلام التي صدقوها.. ما هي إلا أكاذيب لامعة.. تم استغلال عواطفهم لتسويقها..

ولكن.. يبدو أن البعض يفضل العيش في هذه الأكاذيب.. لأنها تمنحه شعورا مؤقتا بالراحة.. تعطيه الأمل الذي يغلف خيبته وفشله.. فيصبح مدمنا على هذه الشعارات.. وكأنها هي الواقع.. في حين أن الحقيقة هي أن كل هذه الوعود ليست إلا سرابا.. سيزول مع أول اختبار للحقيقة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :