المشهد الأول لم ينتهِ بعد !
د. حازم قشوع
07-10-2024 09:02 AM
بعد مرور عام على نظرية الاحتواء الإقليمي التي تم تشكيلها لحفظ نظام الموازين الجيوسياسية في المنطقة بين تحالف دول المحور المقاوم المؤيد بروسيا، أو ما يعرف بتحالف مذاهب الحركه الشرقية من جهة وبين الكيان الاسرائيلي المناصر غربيا من دول المركز والذى يعمل ضمن حيادية حال مع النظام العربي المحيط من جهة أخرى، وبعد سنة من مضى هذه الاشتباكات مازالت عناوين المشهد الإقليمية تتضح شيئا فشيئا على كافة الاصعدة وتبرز عناوين بارزة من من وحى المعارك العسكرية الجارية والتي جعلت من اسرائيل عمياء عندما دمر حزب الله قاعدة مورون الاستخبارية الاسرائيلية، وأصبحت بحاجة تل أبيب الى دليل امريكي دائم بعدما كانت مركزا للاستشعار عن بعد، كما وراح حزب الله يستهدف اغتيال قائد العمليات الوسطى الأمريكية كوريلا الذى كان بلا بوصلة اتجاه ويعمل ضمن مناطق معتمة مما جعله عرضة للخطر، وهذا بينته خطوط الاشتباك التى كانت تميل لصالح دول المحور فكان الرد بتصفية اسماعيل هنية وحسن نصرالله ضمن عملية عسكرية استخدم فيها الرادار الضاغط.
وهي العملية العسكرية التى جاءت فى إطار عمليات استخبارية شاملة ركزت على تصفية القيادات العسكرية والسياسية لتحقيق معادلة النصر في المرحلة الاولى وسط معارك ضارية تجاوزت فيها المعارك كل القواعد الانسانية والقوانين الدولية معا، كما بين المشهد العام توافقات استراتيجية أثر الاتصال الهاتفي الذي أجراه نتنياهو مع بوتين عندما وصف الدور العضوي لإيران لروسيا كما الدور العضوي لاسرائيل لامريكا، وهذا ما جعل من الرئيس بوتن يعلن الشراكة الاستراتيجيه الإيرانية الروسية كما بين طريقة رسم بيان خطوط الاشتباك الجديدة بين الطرفين وأظهر طريقه الاصطفافات فى مساحة التباين بين الفرقاء ومساحات الاشتباكات القادمة التي ستنتقل من الهلال الخصيب إلى الخليج العربي بعد انحصار مقاومة غزة والجنوب اللبناني وتسخين جبهتي سوريا والعراق.
ولعل توافقات الطرفين لتكون في منزله لا منتصر ولا مهزوم ستبقى تشكل ضابط اتزان مع بقاء الامور تدور في أرجاء الأذرع ولا تدخل فى الجوهر العميق، هي المحددات التي بينتها نهايه المرحلة الاولى عندما حاول نتنياهو إعلان النصر في الوحدة 101 التي كان شكلها شارون وقوبلت ب 300 صاروخ موجه من حزب الله ومحاولة اختراق إلى حيفا وعكا وضرب قاعدة ديموفيف حتى لا يسمح له بإعلان إشارة النصر ليبقى المشهد العام يدور في فلك ادامة المعركة وليس حسمها.
وإن كان الذي يتصدر فيها الهجوم الطرف الاسرائيلي كونه يمتلك تكنولوجيا الصناعة المعرفية رفيعة المستوى في الجو، وهذا ما جعل إسرائيل تحدث الفارق في العمليات النوعية واما على صعيد المحتوى الاقليمي فان محور المقاومة مازال يمتلك محيط كبير وموارد بشرية منظمة أكبر تحمل في مجملها عقيدة مذهبية تجعلها قادرة على التصدى والردع، الأمر الذي جعل من أمريكا تستبدل الرد العسكري من رد يأتي عن طريق إسرائيل الى رد قادم من سنتكوم حيث القيادة المركزية الوسطى بعد وصول s400 الردعية الروسية المتطورة إلى إيران، وهو أيضا ما قاد روسيا لقطع العلاقات الدبلوماسية بطريقة ضمنية مع امريكا بعودة السفير الروسي الى موسكو في هذه الاثناء وهي القرارات التي يمكن إسقاطها على طبيعة المشهد العام الذي دخلت اليه موسكو وواشنطن بطريقة مباشرة.
أما السؤال الذي سيبقى قيد البيان من الناحية الموضوعية تمثله حالة اليقظة وروادع التصدي العربية التى مازالت ثابته غير متحركة مع ان محوري الاتجاه العبري والصفوي يشكلان تهديدا مباشرا على النظام العربي حتى في عمقه الخليجي، وهذا ما بينته الزيارة الهامة لرئيس الإمارات الى كل من مصر والأردن التي باتت تعتبر القوة العربية القادرة على إعادة ترتيب البيت الداخلى العربي ليكون عند نقطة التحدي الماثل إزاء عمليات التصعيد الماثلة بقرار يقضي بعدم انتهاك الأجواء العربية أو انتهاك الفضاء العربي أيا ما كان مصدره من الأطراف.
وهذا يتوقع أن يقود إعلان دول المشرق العربي عن موقف واضح ومحدد وصلب إزاء ما يحدث من احداث ينقله الى جانب اخر من معادلة الاحتواء الاقليمي من طور الحياد السلبي الى منزله الطرف المشارك، لكي لا يبقى الإطار العام للنظرية يدور بين طرفين بدلا ان يكون بين ثلاثة أطراف "عربي وعبري وصفوي" محققا بذلك تجسيدا حقيقيا لنظرية "التحدي والاستجابة" التي قد يظهر عمقها في المشهد القادم بعد بيان الانتخابات الأمريكية عندما يسدل الستار عن وقت المراهنات وتظهر النتائج بين كيفية التعامل معها والمدخل الذي يستوجب على الجميع اتباعه، ان كان عبر بوابة (الصفقات لترامب) او استكمال (مدخل العبور المركزي للناتو لهاريس)، وذلك عبر بيان إطار ناظم للمنطقة للاستمرار بحرب امريكا مع الناتو للمحافظة على أحادية بيت القرار العالمي وليس بيان تعددية قطبية يريدها ترامب مع تسليم المنطقة للدوله العبريه عسكريا وحدوديا على عكس ما تريد بيانه هاريس باعتبارها مناطق نفوذ للناتو، وهذا ما يعد مصدر اختلاف جوهري بين الفريقين وهو بالتالي ما سيظهره الخامس من شهر نوفمبر من محددات.
عندها يصبح من الواجب على الجميع بيان وحدة الموقف ووحدة الصف لردع هذه التحديات الخطيرة التي تواجهها المنطقة والتي باتت تستلزم الابتعاد عن الخلافات البينية لصالح وحدة الصف العربي، لترتقي عوامل الاستجابة الردعية إلى منزلة التحدي الماثلة التي يبينها الأردن باعتباره مركز الناتو في المنطقة والذي يقوم ببيان الخطوط القادمة للمنطقة في حال فوز هاريس، او اعادة صياغة تعريف الجملة القادمة إذا ما وصل ترامب لبيت الحكم بطريقة درامية، ووسط هذه التكهنات فإن سنة الاحتواء الإقليمي لن تبدأ في يوم السابع من أكتوبر كما يعتقد البعض بل ستكون فى الخامس من نوفمبر القادم حين يظهر لون العلم الرئاسي في البيت الابيض فأن كان احمر كان تجاه الصفقات الترامبية أو أن يستمر اللون الأزرق كما هو متوقع باستمرار النهج القائم حتى نهاية المعركة، والى ذلك الحين سيبقى الجميع في طور المروحة دون جمل حسم او حاجة اصطفاف مركزية لأن المشهد الأول لم ينتهِ بعد.