حافلة الحكومة من الدوار الرابع إلى الطفيلة .. رسالة من سطرين
المحامي محمد الصبيحي
19-05-2011 03:38 AM
هناك من يرفض أن يعترف أن الاردن أستطاع بحكمة الملك وصبر حكومته ومرونتها وتفهم غالبية القيادات السياسية، من عبور المنعطف الخطر الذي تمر به المنطقة، هذا العبور لم يتم بقوة السلاح والقمع الدموي وأشلاء القتلى، وانما بالحكمة ووعي الشعب وتكاتفه وتاريخ النظام السياسي الاردني البعيد عن الدم والقهر.
من يرفضون الاعتراف بهذا ينعتون الناس بالجبن والحكومة بالقمع، وهم يدركون أن الشعب الاردني شجاع والناس كانت وما زالت تقول كلمتها بحضور أي من المسؤولين دون خشية أو تردد، ويدركون في قرارة أنفسهم أن القمع والوحشية لا تجلب الامن، والا فكيف يجرؤ رئيس الوزراء - أمنيا - على حمل حكومته في حافلة وقطع مئات الكيلومترات بحراسة رمزية ما لم يكن يدرك أن الشعب الاردني هو الحارس الحقيقي لأمن البلد.
نعم رئيس الحكومة وأحسب أنه أول رئيس حكومة عربي يحمل وزراءه في حافلة ويقطع مسافة طويلة عبر طرق خالية ليتفقد منطقة بعيدة عن العاصمة !! وحتى في الظروف العادية فان أي رئيس وزراء عربي لن يفعلها، ولكن رئيس حكومتنا أراد ايصال رسالة من سطرين :
السطر الاول القدوة في التقشف وضبط النفقات فما دامت الحافلة تغني عن موكب من خمس وعشرين سيارة حكومية وبأقل من ربع الكلفة فلم لا؟؟ فهي فرصة لحديث وحوار موسع أثناء السفر، وحكومة تسافر من الثامنة صباحا وتعود في الثامنة مساء وقد أفطرت (ساندويتشات لبنة) وتعشت (ساندويتشات مرتديلا) وتغيب المناسف والكنائف عن برنامجها ثم يتكرم عليهم الرئيس بالوقوف في استراحة منتصف الطريق لتناول الشاي لدرجة أن أحدهم تجرأ هامسا على استبدال حرف التاء من أسم الرئيس بحرف اللام، حكومة تبدأ بنفسها ولا نقول لها شكرا على واجب.
السطر الثاني من الرسالة يقول للأهل المغتربين والاشقاء القادمين الى الصيف الاردني الجميل والى المرجفين والحاقدين، إن الاردن آمن من أقصى متر الى أدنى شبر وهاهي الحكومة في حافلة تتحرك بين القرى والمدن ولو كان الامر غير ذلك لكانت صيدا ثمينا أو ما كان الرئيس ليقوم بهذه الخطوة وما كانت الاجهزة الامنية تنصح بمثل هكذا سفر.
كنت أتمنى لو كان هناك تركيز أعلامي واسع على الرسالة أعلاه فليس أبلغ منها رسالة للتحضير لموسم سياحي متميز ومزدحم، ولا أبلغ منها رسالة سياسية حين يستمع المواطن العربي ويشاهد انتقال مذيع الاخبار بين خبرين الاول من الاردن والثاني من دول مجاورة.
اذا كنا نحتج ونشكو عدم جدية الحكومات في الاصلاح وقد ضاعت سنوات كثيرة في انتظار اصلاح لم يأت فان انتظار شهر أو شهرين أو ثلاثة لنرى ما سيكون عليه قانون الانتخاب وقانون الاحزاب والبلديات والتعديلات الدستورية وهيكلة المؤسسات وهيكلة الرواتب وتحسين ظروف الموظفين وضبط الهدر المالي ومكافحة الفساد و لن يكون انتظارا طويلا نفقد بدونه صبرنا ونقامر بأمننا ونروي غليل حاسدينا. والى ذلك دعونا نباهي الآخرين بقدرة قيادتنا وحكومتنا ومواطننا على التجول والحركة آمنين مطمئنين.
(الرأي)