تنوع الاقتصاد .. أحد مفاتيح تحقيق التنمية المستدامة والشاملة
د. مالك القصاص
05-10-2024 10:54 PM
يعد تنوع الاقتصاد عاملاً رئيسياً في تعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة. الاقتصادات المتنوعة تجمع بين مختلف القطاعات، مثل الاقتصاد الخدمي، والصناعي، والزراعي، مما يوفر استقراراً اقتصادياً ويحد من المخاطر المرتبطة بالاعتماد على قطاع واحد فقط.
يشمل الاقتصاد الخدمي، والذي يعتمد على تقديم الخدمات بدلاً من إنتاج السلع المادية، مجموعة واسعة من الأنشطة مثل السياحة، والخدمات المالية، والخدمات الحكومية، والتعليم، والرعاية الصحية، والنقل. كما ويساهم بشكل كبير في التنمية حيث يوفر العديد من فرص العمل في مختلف القطاعات كالتعليم والصحة والسياحة. كما ويساهم في تحسين نوعية الحياة، حيث يوفر الخدمات الاساسية للمجتمع كالرعاية الصحية والتعليم. وبالإضافة الى ذلك، يساهم في زيادة الإيرادات وخصوصا من السياحة، والتجارة.
في ذات السياق، يعد قطاع الصناعة، والذي يشمل قطاعات متعددة مثل التصنيع، والتعدين، والبناء، والإنتاج، أساساً في تحقيق التنمية الاقتصادية، حيث توفر الصناعات قيمة مضافة كبيرة للاقتصاد من خلال تحويل المواد الخام إلى منتجات قابلة للبيع في الأسواق المحلية والدولية، مما يحقق إيرادات كبيرة من العملات الأجنبية ويعزز التوازن التجاري. كما وتساهم في توفير فرص عمل كبيرة، حيث تحتاج الصناعة إلى قوى عاملة متنوعة من المهارات التقنية إلى اليد العاملة غير الماهرة، مما يساهم في تخفيض معدلات البطالة.
وبالإضافة الى ذلك، تساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي، حيث ان الصناعات التحويلية تمكن الدول من تصنيع المنتجات محلياً بدلاً من الاعتماد على الواردات، مما يعزز الاستقلال الاقتصادي.
في ذات الشأن، يلعب قطاع الزراعة، والذي يتضمن الزراعة، وتربية المواشي، وصيد الأسماك، دوراً حيوياً في تأمين الغذاء وتحقيق الاكتفاء الذاتي. على الرغم من أن الزراعة ليست بنفس الحجم الاقتصادي كالخدمات والصناعة، إلا أنها أساسية لتحقيق التنمية المستدامة. كما ويساهم في توفير فرص العمل وتنمية المناطق الريفية، حيث ان الزراعة غالباً ما تكون النشاط الاقتصادي الرئيسي في المناطق الريفية، وبالتالي فإن تنميتها تساهم في تحسين مستوى المعيشة والحد من الفقر في هذه المناطق. وبالإضافة الى ذلك، يساهم في زيادة الصادرات ودعم الصناعات، حيث توفر الزراعة المواد الخام للعديد من الصناعات مثل الصناعات الغذائية، والأنسجة، والصناعات الكيميائية.
على الصعيد الإيطالي، يعد الاقتصاد الإيطالي اقتصاداً متنوعاً يجمع بين القطاعات الخدمية، والصناعية، والزراعية، مما يجعله واحداً من الاقتصادات الرئيسية في أوروبا والعالم. كل من هذه القطاعات يلعب دوراً مهماً في دعم النمو الاقتصادي وتحقيق التوازن في الاقتصاد الإيطالي. وبالإضافة الى ذلك، تنوع الاقتصاد الإيطالي يوفر مرونة واستقراراً في مواجهة التغيرات الاقتصادية العالمية، خاصة عندما تواجه أحد هذه القطاعات تحديات أو صدمات خارجية (مثل تراجع السياحة بسبب جائحة كورونا)، يمكن للقطاعات الأخرى المساهمة في تحقيق التوازن.
أخيرا وكعادتي لابد ان اتناول الموضوع من زاويتي الأردنية حيث يتطرق الى ذهني مشكلة الاقتصاد والتنمية الاقتصادية في الأردن، واسأل نفسي: هل يمكن عمل استراتيجية متكاملة للعمل على تنويع الاقتصاد في الأردن، مما يساهم في التنمية المتوازنة والاستدامة الاقتصادية، مع الاخذ بعين الاعتبار الاستفادة من خبرات البلدان الاخرى؟ اليوم، نحن بأمس الحاجة إلى استراتيجية متكاملة لتنظيم وتنويع الاقتصاد خصوصا في ظل الأوضاع في الإقليم، حيث تأثر الاقتصاد الأردني، والذي يعتمد على قطاع الخدمات (كالسياحة)، بشكل كبير. كما ويمكن عمل مشاريع وبالشراكة مع القطاع الخاص في قطاعات الصناعة والزراعة. وفي نفس الوقت لابد من العمل على تطوير القطاع الخاص لتحفيز الاستثمارات. بالإضافة إلى ضرورة تعديل وتحسين القوانين والتشريعات القائمة، قد يكون من اللازم وضع تشريعات جديدة تحمي القطاع الخاص وتشجعه على النمو، مع ضمان منع أي استغلال مفرط. من خلال تبني هذه السياسات، يمكن للأردن تحسين إنتاجية الاقتصاد وزيادة الإيرادات وخلق فرص عمل متنوعة وتعزيز المرونة الاقتصادية والاستدامة، حيث تساهم جميع القطاعات بشكل متساوٍ في النمو، مما يمنع التدهور السريع لأي قطاع بسبب الأزمات الاقتصادية او السياسية أو التغيرات العالمية.