جولات رئيس الوزراء .. دعوة لتفقد ثروات الطيبة الزراعية والحيوانية
حاتم القرعان
05-10-2024 07:34 PM
في كل مرة نسمع عن جولات دولة رئيس الوزراء في مراكز المحافظات، ينتابنا شعور بالتفاؤل والفرح لرؤية المسؤولين يتابعون شؤون المواطنين بشكل مباشر. لكن سرعان ما يتبادر إلى أذهاننا نحن أبناء القرى والأرياف تساؤل ملح: أين نحن من هذه الزيارات؟ أين القرى التي تعتمد عليها المملكة في تأمين أمنها الغذائي وتربية ثرواتها الحيوانية؟ نحن لا نحتاج إلى زيارات تقتصر على مراكز المحافظات الكبيرة فحسب، بل نحتاج إلى أن تصل هذه الزيارات إلى القرى التي تُعد شريانًا حيويًا لتزويد السوق المحلية بالمنتجات الزراعية والحيوانية.
جلالة الملك عبد الله الثاني لطالما كان حريصًا على توجيه الحكومات المتعاقبة نحو تطوير القرى والأرياف، مؤكدًا على أهمية هذه المناطق في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستدامة. توجيهات الملك تصب دائمًا في ضرورة الاهتمام بالفلاحين والمزارعين ومربي الثروة الحيوانية، باعتبارهم من الفئات التي تشكل العمود الفقري للأمن الغذائي والاقتصادي. ولكن، أين نحن من تطبيق هذه التوجيهات؟ وأين هي القرى من خريطة الزيارات الحكومية؟
لواء الطيبة هو واحد من هذه المناطق التي تنتظر الالتفاتة الحكومية الضرورية. هذا اللواء الذي يعد جزءًا لا يتجزأ من السلة الغذائية الأردنية، لا يُسهم فقط في إنتاج المحاصيل الزراعية المتنوعة، بل يعتبر مركزًا هامًا لتربية الثروة الحيوانية. أبناء الطيبة يعملون ليلًا ونهارًا للحفاظ على هذه الثروات الطبيعية رغم التحديات المتزايدة. ومع ذلك، يظل اللواء بحاجة إلى دعم حكومي أكبر لتحسين البنية التحتية، وتوفير الخدمات الضرورية للمزارعين ومربي الثروة الحيوانية.
الطيبة، بمزارعيها ومربيها، تواجه تحديات عديدة تتعلق بالبنية التحتية المتهالكة، ونقص المياه التي تعتبر شريان الحياة للزراعة وتربية الماشية. الطرق الزراعية التي يسلكها المزارعون لنقل منتجاتهم تعاني من الإهمال، ما يزيد من تكاليف النقل ويؤثر على جودة المنتجات التي تصل إلى الأسواق. كذلك، تعاني المنطقة من نقص في مشاريع المياه الضرورية لري المحاصيل وسقي المواشي، وهي مشكلة تتطلب حلولًا عاجلة لضمان استمرارية الإنتاج الزراعي والحيواني.
الثروة الحيوانية في الطيبة ليست مجرد قطاع فرعي، بل هي أحد أهم مقومات الحياة الاقتصادية في المنطقة. مربي المواشي والدواجن يعتمدون على دعم الحكومة لتحسين ظروفهم وزيادة إنتاجيتهم. توفير الرعاية البيطرية المناسبة، وتأمين العلف بأسعار مناسبة، وتحسين المراعي الطبيعية، هي احتياجات أساسية لا بد من العمل عليها لضمان استمرارية هذا القطاع الحيوي. إن تربية المواشي لا تقتصر على إنتاج اللحوم والألبان فقط، بل تشمل أيضًا توفير المنتجات التي يعتمد عليها الكثير من الصناعات الغذائية الأخرى.
معالي وزير الزراعة، خالد الحنيفات، بذل جهودًا مشكورة لدعم القطاع الزراعي والحيواني في لواء الطيبة وغيره من المناطق. فقد كانت له بصمات واضحة في تنفيذ مشاريع مائية هامة وتطوير البنية التحتية الزراعية. ولكن، كما هو معروف، يد واحدة لا تصفق. هذه الجهود، رغم أهميتها، لا تزال بحاجة إلى دعم إضافي من دولة رئيس الوزراء لضمان استمرارية هذه المشاريع وتوسيع نطاقها.
القطاع الزراعي والحيواني يحتاج إلى تكامل الجهود بين الوزارات المختلفة، ودعم مباشر من دولة الرئيس. فالتحديات التي تواجه المزارعين ومربي الثروة الحيوانية لا يمكن مواجهتها دون تدخل حكومي جاد وشامل. ومن هنا، أوجه دعوة صريحة لدولة رئيس الوزراء، باسمي ونيابة عن أهالي لواء الطيبة، لزيارة المنطقة والاطلاع عن كثب على احتياجاتها. زيارة الطيبة ستكون خطوة هامة لتعزيز الثقة بين المواطنين والحكومة، وفرصة للاطلاع على التحديات الحقيقية التي يواجهها المزارعون ومربو الثروة الحيوانية.
نحن لا نطلب الكثير، فقط نريد أن يرى دولة الرئيس بعينه الواقع الذي نعيشه. نحن ننتظر دعمًا حقيقيًا للبنية التحتية، من تحسين الطرق الزراعية إلى تنفيذ مشاريع مائية جديدة، ومن تطوير الخدمات البيطرية إلى توفير الدعم اللوجستي اللازم لنقل المنتجات الزراعية والحيوانية بأسعار معقولة. الطيبة وأهلها يستحقون أن يكونوا جزءًا من خريطة التنمية الوطنية، وأن يحظوا بالدعم الذي يمكنهم من مواصلة دورهم الحيوي في تحقيق الأمن الغذائي والاستدامة الاقتصادية.
الثروة الحيوانية في الطيبة ليست مجرد أرقام، بل هي مصدر حياة لعائلات كثيرة تعتمد على تربية المواشي والدواجن كمصدر رئيسي للرزق. دعم هذه العائلات من خلال تحسين الخدمات وتوفير الدعم الحكومي سيساهم في استقرار هذا القطاع الحيوي وضمان استمراريته. تحسين أوضاع مربي الماشية يعني تأمين مستقبلهم ومستقبل عائلاتهم، كما يعني دعم استقرار السوق المحلية وتوفير المنتجات الحيوانية الضرورية.
نأمل أن يتم تلبية هذه الدعوة قريبًا، وأن تكون زيارة دولة رئيس الوزراء إلى الطيبة نقطة تحول في التعامل مع قضايا القرى والأرياف. نحن بحاجة إلى رؤية مباشرة للواقع، وحلول عملية تنبع من الميدان، وليس من المكاتب. الأردن بحاجة إلى نهضة زراعية وحيوانية حقيقية تبدأ من دعم الحكومة، وتستمر بجهود المزارعين ومربي الثروة الحيوانية الذين يعملون من أجل مستقبل أفضل.
الطيبة وغيرها من المناطق الريفية في الأردن تحمل في طياتها إمكانيات هائلة تنتظر من يستثمر فيها ويدعمها. ونحن في الطيبة، ننتظر تلك اللحظة التي نرى فيها الحكومة تقف بجانبنا على أرض الواقع، وتشاركنا في بناء مستقبل زاهر ومشرق للقطاعين الزراعي والحيواني، ونتمنى أن يكون لدولة الرئيس الدور الرئيسي في تحويل هذه الآمال إلى واقع ملموس.
حفظ الله الأردن وحفظ الله جلالة الملك عبدالله الثّاني بن الحسين وولي عهده الأمين.