لم يكن يدور بخلد أكثر المتشائمين، أن تمنح أحداث السابع من تشرين تفويضاً بالقتل واستهلالا لسلسلة من الفظائع ولحلقات من الإجرام، تخويلاً بالصمت وإنابةً في الإطراق.

عام من القتل والتشريد، من الهلع والإرتياع. عامُ كامل البؤس والتطرّف والهمجية، ليس حرباً ما يجري في القطاع المحتسب الجلود، ومؤكد للعالم كله أنه ليس أعمال عنف بين طرفين، كما يجري على ألسنة المؤتمرين، وكما يستطيب سادة البيوت البيضاء والزرقاء والسوداء على حد سواء، واتخذوها، دون حق وخلافاً لكل أعراف الإنسانية وتقاليدها، مسوغاً لاستمرار القتل والتغاضي عن المجرم عن الجريمة، بل وذهبوا أكثر من ذلك، في استدامة الجسر الجوي المحمّل بالقنابل والصواريخ وآلات القتل.

عام من الإبادة المستمرة التي شرّعتها دول عبأتنا بالأكاذيب، عامٌ من التضليل والتزوير والتلفيق، مارسه على العالم ويمارسه مجرمو الحرب ومهندسو الإبادة، وسط صمت داعر وفاجر وفاسق.

بالأمس، استعرض زعيم الحرب على منصة الأمم فصول حربه في غزة وفي لبنان، حيث أمسك نتنياهو بخرائطه التي يمنّي نفسه وسائر أعضاء عصابته برسمها وتنفيذها، بشكلين مختلفين، مرةً بشغف وبحماس مسنودا على صمت عربي وعالمي على جرائمه في أطفال القطاع ونسائه، ومرة بخوف وفزع ويد مرتجفة وهو يرى رجال المقاومة يجندلوا نخب جنده في طول غزة وعرضها من نقاط الصفر، ومن خوفه من كابوسه الأكبر فيما لو استهدفت صواريخ ايران البنية التحتية والبشرية، ولم تمنعها حسابات الردع ولا اعتباراته من ذلك.

لن يطول هذا الطغيان. سيهيأ له يدٌ من الحق حاصدة، وبالتسلسل، فلن تصمد الصورة الزائفة ولا المشهد المختلق للكيان الغاصب طويلا أمام أعين العالم التي تتفتح شيئا فشيئا على ما يحدث من تجريد كامل وممنهج للإنسانية من مبادئها ومن تحدِ سافر صفيق لقرارات الجمعية العامة، وبالنتيجة، فلن يكن بوسع هذا الكيان وقتئذ تحمّل ازدراء البشرية له وليس بإمكانه تسويق المزيد من الأكاذيب والتزييف.

سيطول طريق التحرير ودحر الظلم، سيكون بحاجة إلى المزيد من النضال وإلى تهيئة أجيال من المقاومين، وإلى وعي من الساسة وتجردٍ من التبعية كي تكون النتيجة تحييدا كاملاً لهذا الكيان الشاذ وزوال أركانه القائمة على روافع القتل والإرهاب.

وقبل ذلك وبعد وفي كل مراحل مسار العدالة العالمي، فإنه ينبغي فك الشيفرة التي يهيمن فيها هذا الكيان على دول كبرى، وقد حظي منها طوعا وكرها، بدعم غير مشروط، وبتصديق كامل لكل الروايات المبنية على الإفك والبهتان والزور والضلال….