صدور الإحصاءات والأرقام الرسمية والمدققة يساهم في تحقيق الشفافية وتصحيح الانطباعات الخاطئة.
التقرير السنوي لشركة الكهرباء الوطنية "نيبكو" أحد المصادر الإحصائية المهمة على المستوى الوطني.
وهو يساهم بلا شك بتقديم صورة شفافة لقطاع الطاقة والكهرباء وتصحيح ما يقع به الكثيرون من مغالطات.
إحدى المعلومات المهمة التي يزودنا بها التقرير هي نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في توليد كهرباء المملكة.
وقد بين التقرير أن هذه النسبة تبلغ حوالي 17% فقط وليس 25%-30% كما تشير العديد من التصريحات الرسمية والإعلامية.
الفجوة بين الرقمين تعادل الفرق بين القدرة التوليدية لمشاريع الطاقة المتجددة، وما يتم ضخه فعلا من هذه المشاريع في الشبكة.
صحيح أن مشاريع الشمس والرياح تستطيع "نظريا" توليد ما يقارب 28% من الاستطاعة التوليدية الكلية (متجددة وتقليدية) في الأردن.
ولكن الشمس والرياح ليست متوفرة في جميع الأيام وعلى مدار الساعة.
وهذا يعني أن زيادة المساهمة الفعلية للطاقة المتجددة في الأردن يحتاج لأمرين.
الأول زيادة القدرة التخزينية للطاقة المتجددة، بما في ذلك التخزين على الشبكة.
والثاني تعزيز شبكة النقل الكهربائي وتطويرها لاستيعاب المزيد من مشاريع الطاقة المتجددة.
تطوير الشبكة وزيادة قدرتها التخزينية ليست أولويات أردنية فحسب.
فأوروبا ترى الأمرين التحدي الأبرز أمامها لتحقيق التحول الأخضر وتعزيز الاعتماد على الطاقة المتجددة.
وبحسب التقديرات، فإن القارة العجوز تحتاج الى استثمار أكثر من 500 مليار دولار في الشبكة الكهربائية خلال الأعوام الخمس القادمة.
أردنيا، وعلى الرغم من وجود بعض المشاريع المهتمة بتطوير الشبكة وقدرتها التخزينية، إلا أنها لا تزال دون الطموح.
ويزيد من التحدي في الأردن الانتقال السريع نحو سيارات الكهرباء، ومساهمة الطاقة المرتفعة في قطاع المياه، والرغبة الاستراتيجية بالتحول إلى مركز إقليمي لتكنولوجيا المعلومات.
وتشير المعلومات على هذا الصعيد إلى أن محطة شحن ل 15 مركبة كهربائية تعادل استهلاك بلدة مكونة من 5 آلاف نسمة، وأن مركز تخزين بيانات واحد (data center) يعادل استهلاك 80 ألف نسمة.
أي أننا مقبلون على ارتفاع كبير في استهلاك الكهرباء، وبما يتطلب استثمارات ضخمة في الطاقة المتجددة والشبكة الكهربائية لتعزيز مساهمة هذه الطاقة في الخليط الوطني.
ولا ننسى هنا التذكير بأنه إذا كانت أوروبا تنبهت لهذه التحديات نتيجة انقطاع الغاز الروسي، فإن الأردن في وضع جيوسياسي يتطلب تعزيز الاعتماد على الطاقة الوطنية (المتجددة) وتقليص الاعتماد على الطاقة المستوردة (الغاز).
لا أحد ينكر وجود إنجاز في قطاع الطاقة المتجددة محليا، وخصوصا نمو الطاقة المتجددة المشتراة بأكثر من 70% منذ العام 2019.
ولكن يبقى أمامنا الكثير من العمل، يتصدره وضع تطوير الشبكة الكهربائية على رأس أولويات الحكومة وشركة الكهرباء الوطنية.