facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ضرورة الارتقاء بالتعليم العالي .. كيف عالجت فنلندا الاختصاصات الراكدة؟


أ.د تركي الفواز
05-10-2024 10:33 AM

لتحسين جودة التعليم العالي وضمان تكافؤ الفرص بين الطلاب والخريجين، يجب أن تتخذ الدول خطوات جادة لمراجعة وتطوير منظوماتها التعليمية،على سبيل المثال، قامت فنلندا بإعادة صياغة مناهجها الدراسية لتتوافق مع متطلبات السوق المتجددة، لقد تم التركيز على تطوير مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات والعمل الجماعي، بدلاً من الاعتماد على المعرفة النظرية وحدها، هذا النهج يضمن أن الطلاب لا يتعلمون فقط المعلومات الأكاديمية، بل يكتسبون أيضاً مهارات عملية تمكنهم من التكيف مع التغيرات السريعة في سوق العمل.

إلى جانب تحديث المناهج، يلعب التوجيه المهني دوراً حاسماً في هذا السياق، في فنلندا، تم إنشاء مراكز توجيه وظيفي داخل الجامعات والمدارس الثانوية، لتوجيه الطلاب نحو التخصصات الأكثر طلباً في سوق العمل،هذا النوع من التوجيه القائم على تحليل دقيق لاحتياجات السوق يسهم في الحد من توجه الطلاب نحو التخصصات التي تشهد ركوداً في فرص العمل، ما يجعلهم أكثر استعداداً للانخراط في وظائف تتماشى مع التطورات الاقتصادية.

التعليم العالي لا يقتصر على الجوانب الأكاديمية فقط، بل يجب أن يكون مرتبطاً بشكل وثيق بالتدريب العملي، في هذا الإطار، تقدم الجامعات الفنلندية فرص تدريب ميداني واسعة للطلاب، مما يمنحهم الخبرة العملية التي يحتاجونها لدخول سوق العمل بثقة، على سبيل المثال تشترط جامعة آلتو(Aalto) على طلابها إكمال فترات تدريب في الشركات قبل التخرج، مما يضمن تخرجهم بشهادات مدعومة بخبرة حقيقية، ويعزز من فرصهم في الحصول على وظائف بعد التخرج.

في إطار تعزيز فرص الابتكار، تولي فنلندا اهتماماً خاصاً لثقافة ريادة الأعمال، الجامعات الفنلندية تسعى لتشجيع الطلاب على التفكير الريادي من خلال برامج وحاضنات الأعمال، مثل برنامج "Startup Sauna" في جامعة آلتو، الذي يمنح الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الفرصة لتحويل أفكارهم المبتكرة إلى شركات ناشئة، هذا النهج لا يساعد فقط في خلق فرص عمل جديدة، بل يعزز أيضاً من قدرة الخريجين على إيجاد حلول عملية للتحديات الاقتصادية والاجتماعية.

ومن أهم الخطوات التي اتخذتها فنلندا لضمان تكافؤ الفرص هي توفير التعليم المجاني، هذا الإجراء يضمن أن التعليم العالي متاح للجميع، بغض النظر عن الخلفية الاقتصادية أو الاجتماعية، مما يحقق مساواة في الوصول إلى فرص التعليم، بالتالي يمكن للطلاب من جميع الشرائح الاجتماعية الحصول على تعليم عالٍ دون تحمل أعباء مالية كبيرة، مما يعزز من قدرة المجتمع ككل على الاستفادة من طاقاته البشرية.

التعاون بين الجامعات والقطاعات الاقتصادية يمثل جزءاً أساسياً من النموذج الفنلندي، الشراكات التي تبنيها الجامعات مع الشركات الكبرى، مثل الشراكة بين جامعة تامبيري وشركات مثل نوكيا، توفر للطلاب فرصاً تدريبية وفرص عمل مباشرة بعد التخرج،هذا التعاون يسهم في تطوير المناهج الدراسية لتتوافق مع احتياجات السوق الفعلية، ما يضمن أن الخريجين لديهم المهارات والمعرفة التي تبحث عنها الشركات.

أخيراً، تلعب التكنولوجيا دوراً رئيسياً في تحسين الوصول إلى التعليم وتطوير أساليب التدريس، فنلندا كانت من الدول الرائدة في استخدام التكنولوجيا لتوسيع نطاق التعليم، وجعلته متاحاً للجميع، بما في ذلك المناطق النائية، خلال جائحة كورونا، كان التعليم عن بُعد جزءاً أساسياً من النظام التعليمي، ومكنذلك الجامعات من الانتقال إلى التعليم الإلكتروني بسلاسة والحفاظ على استمرارية العملية التعليمية دون تأخير.

التجربة الفنلندية في تحسين التعليم العالي توضح كيف يمكن لدولة أن تعيد هيكلة نظامها التعليمي لتلبية متطلبات العصر، مع التركيز على الابتكار، والتدريب العملي، وتوجيه الطلاب نحو المجالات المطلوبة في سوق العمل. هذه الخطوات، بالإضافة إلى ضمان تكافؤ الفرص من خلال التعليم المجاني، تجعل من فنلندا نموذجاً يمكن الاحتذاء به في الدول الأخرى التي تسعى إلى تطوير أنظمتها التعليمية.

من خلال تطبيق هذه الإجراءات، نجحت فنلندا في تحسين نوعية التعليم العالي وضمان تكافؤ الفرص للجميع، مع تقليل عدد الخريجين في التخصصات الراكدة وزيادة التركيز على الابتكار وريادة الأعمال، يمكن للدول الأخرى الاستفادة من تجربة فنلندا في إعادة هيكلة أنظمتها التعليمية لمواكبة متطلبات العصر وتحقيق تكافؤ الفرص، وايضاً على هذه الدول اتخاذ خطوات جادة لمعالجة التخصصات الراكدة والتأكد من توافق التعليم مع متطلبات سوق العمل.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :