facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




رثاء شهيد الفجر البرفسور احمد الزعبي


د. محمد حيدر محيلان
05-10-2024 10:24 AM

وانا ابكي اخي البرفسور احمد الزعبي، ابكي أباً ومربياً ووالداً ليس معلماً فحسب، ابكي واشرق بدمعي، لان القاتل تلميذه وابنه ومريده، الذي تلقى على يديه المعرفة والعلم، واستقى من كوزه الطاهر ماء الوعي وترياق المعرفة العظيم، واقتبس من جذوة فكره المنير، قبس الرقي والخلق والدين.

ابكي الرجل العصامي والنشمي الاردني، الذي اتكأ على عصا الوحدة والتفرد، وارتكز على ساق الكفاح الموصول، فمشت به قدم متزنة واثقة، أوصلته لمشارف جامعة اليرموك بأمان واقتدار، حتى تخرج طالبا مجتهداً مثالياً لينتقل بحزم وعزم ليعمل معلماً بالكرك، وتنتقل معه أمه وحيدته، وكيف لا تذهب معه لاخر الدنيا فهو وحيدها الذي حدبت عليه، فوقفت حياتها على نشأته، ورضاه وحنانه وحسن تربيته، وحريته، فأغدقت عليه حنانها وشبابها، فهو الطفل الذي مات والده وهو في بطن امه فآثرت ان لا يحس بمرارة اليتم، وفقد الاب، وانكسار الصغير امام نشوة اقرانه وسعادتهم بحنو ابائهم، فعكفت عليه لتنشئه خير التنشئة، وحرمت على نفسها الازواج، فكان كما ارادته متميزا بدينه وخلقه وعلمه، باراً بها وبأبيه، حمامة مسجد، ثم ما لبث ان اكمل دراسته العليا، فعاد للكرك الابية ولجامعة مؤتة استاذا جامعيا للادب العربي ومربياً وأديباً.

عاش الدكتور احمد شاكرا لربه، ومديناً لأمه، ومتواضعا مع اقرانه، محباً للعلم وملازماً للمسجد، يضرع لله ان يوزعه ان يشكر لأمه ولأبيه الذي لم يره، ينطلق مع اذان الفجر ليشهد قرآن الفجر وتحفه الملائكة فيصبح في ذمة الله ورضوانه طوال النهار.

اخي ابا معاذ ايها الراحل قبلاً والسابق دوماً قبل شروق الشمس، فلتتمهل كي أقرأ السلام عليك، واودعك بما أنت أهله، يا وحيد امك، وفرد ابيك، ونسيج وحدك: وأنا أستشعر منظرك فجراً يا صديقي وانت تتلقى الطعنات من تلميذك ، وقد انتهيت لتوك من تسبيحاتك وصلواتك ودلفت باب المسجد، ففاجأك وفجعك مشهد طالبك الذي عكفت عليه مربياً ومعلما ً غير مصدقاً ما يهوي عليك من طعنٍ وظلم وقسوة وجحود ، بكيت الماً وأسفاً وحسرة ، وازداد ألمي وحزني وأنا أتخيل مشهدك يا اخي وانت تدفع شفرة الخنجر عن صدرك العامر بآيات الله ، وتذب بكفيك الداميتين حد العقوق عن قلبك الموحِد، ووجهك الذي ما زال يشع بوضوء الفجر ، واحسبك ذرفت ليس من ألم الخنجر، وانبجاس الدم الطاهر من قلبك وخاصرتك وفمك ، ولكن من اليد التي امتدت اليك باردة تصفع الجميل ، وتنحر العلم والتنوير ، اتخيلك وانت تنظر لولدك وتلميذك يهوي عليك بخنجر يمزق فكرك المنير وقلبك الكبير الحاني ، وعلمك النبيل .. اضن ان دموعك يا اخي احمد انبجست قبل دمك، وبدا أسفك وحزنك وحسرتك كبيرا متسائلاً بأي ذنب أُقْتَل ؟ وبأي جريمة يُهْدَرْ دمي ؟ وانت تفاجأ بباب المسجد بمن أضأت لهم دياجير الظلام، ليعبروا بأمان وسلام، جاء يطفيء نورك بيده ، ويسقط شعلة القداسة والفضيلة من يدك الطاهرة النبيلة بخنجر الجحود.

أخي احمد يا شهيد الفجر والعلم ، عندما هوت قامتك السامقة، هوى معها الحق والصواب والفضيلة ، وكل القيم التربوية المقدسة، ملطخة بدم زكي طاهر، وروح أبيَّة ونفس مطمئنة ، طالما شهدت هذه النفس العظيمة قران الفجر بمعية الملائكة الكرام البررة، وما توقعت ان يزهقها طالبٌ يدين لها بالتنوير والنضوج والوعي والحياة.
اخي احمد : عندما انهرتَ وتهاوى جسدك الطاهر الى الارض ، مضمخاً بالم وحسرة وفجيعة الاب والمربي والمعلم .. انهارت ركيزة من اهم ركائز المجتمع الفاضل وهي أخلاق التلمذة ، وتهاوت دعامة قوية من دعائم التربية الانسانية وهي أدب طلب العلم، وماتت شعبة عظيمة من شعب الايمان وهي الوفاء للمعلم ، وانكسرت ساقاً من سيقان الحضارة والتنمية وهي قداسة التعليم وسقطت إحدى اهم محرمات وتابوهات الحضارات السابفة واللاحقة وهي احترام المربي واجلال العلم.

فلهول الصدمة ، وضخامة المفاجأة، وبشاعة الجريمة وفاجعة الخبر ، بشخص القاتل وعلاقته مع الضحية ، اهتز المجتمع الاردني، وبكى وتزلزلت اركانه ، وانتحب معلميه ، وخارت اقدام معلماته المربيات الفاضلات، غير مصدقات، وَجِلات نادبات آسفات.

نبكي بأسى ومرارة على فراق الصديق والزميل والاخ النبيل البرفسور احمد الزعبي ونحتسبه عند الله شهيداً ورفيقاً للانبياء والصديقين والصالحين والمحسنين وحسن أولئك رفيقا، وندعوا الله ان يحسن عزاء اسرته وابنائه وزوجه وذويه وعشيرة الزعبي الكرام.

مع وقع هذا النبا العظيم والخبر الحزين، ننعى أيضاً منظومة القيم الانسانية النبيلة بأكملها .حيث الطعنات التي اخترقت جسد اخينا العالم والمربي والانسان البرفسور الزعبي، مزقت كل بيوت الشعر العربي الاصيلة، التي تقدس العلم، وتتغنى بالمعلمين، وجرحت كل مفردات الولاء للابوة وللمربين، وأدمت كل قِطَع النثر الجميلة التي تبجل المعلم الذي كاد يكون رسولا، واعدمت البيان الناصع الذي قدس العلم ، وأعجزت البلاغة العربية كلها أن تقول كلمة رثاء تفي اخينا البرفسور احمد حقه وتنتصف له امام خنجر الجحود والعقوق وشفرته الحادة.

تلك الطعنات التي لم تجفل من هول الفجر، ولم ترهب من كلمة الله اكبر، وحي على الصلاة ، والصلاة خير من النوم ، وهيبة المسجد، ورحاب وحمى الجامعة ، وظلت تترصد مع الاصرار، حتى ينتهي العبد المؤمن والمعلم التقي والانسان المطمئن، من صلاته ، فانهالت عليه لتنهي مسيرته الفاضلة، وتسقط الراية المقدسة من يده الكريمة، فكانت طعنات في قلب العلم ورسالته المقدسة ، و طعنات في صميم ونبض التربية القويمة، والابوة الرحيمة والانسانية الكريمة.

نسلم بقضاء الله وقدره، وندعو لفقيد العلم وشهيد الفجر اخينا البرفسور احمد صالح الزعبي بالرحمة والمغفرة وحسن المآب، ان المتقين في جنات ونهر ، في مقعد صدق عند مليك مقتدر، واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.وانا لله وانا اليه راجعون.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :