اللامبالاة موت سريري تصنعه القنوات العربية
صالح الراشد
03-10-2024 11:57 AM
استفاقت الشعوب العربية بعد الخريف الدموي من غفلتها وخرجت في غالبيتها عن سيطرة القنوات الفضائية وتراجعت عن السير ورائها، بعد إدراك الشعوب أن الفضائيات كانت السبب في مقتل الملايين من أبناء الأمة وتدمير عديد الدول خدمة لأجندات خارجية، وتكشف الأمر حين أدركت الشعوب أنها كانت تحت تأثير هذه القنوات التي عملت على تخديرهم بأكاذيب مضللة جعلت أبناء الوطن الواحد يقتتلون دون معرفة الأسباب والأهداف، ليدمروا أوطانهم بحروب أهلية شرسة قامت على النهب والسلب والقتل ليتحولوا إلى وحوش كاسرة يفعلون جميع الموبقات ظناً منهم أنهم يريدون الخير لوطنهم، لتتحول عديد البلاد العربية إلى أطلال يبكيها العقلاء وتعشعش فيها الغربان.
ولم تبالِ قنوات صناعة القتل من لعب دور أكثر جُرماً ولن نقول جهلاً كونها تُدرك ما تفعل حين عبثت منذ السابع من أكتوبر بالدم الفلسطيني ثم اللبناني والسوري لصالح كيان الاحتلال والقوات الأمريكية، فطريقة التعامل مع الخبر هي من تحدد نهج القناة وغايتها لنجد أن بعضها سار حسب المنهج الغربي بصناعة اللامبالاة بتكرير الخبر مراتٍ متعددة ليفقد المتابع الاهتمام بالجريمة، ويتعامل معها على أنها لقطة مكررة من فيلم بعد ان اعتاد المشهد أو إعلان مكرر غايته الترويج لسلعة، لتسير عديد القنوات على ذات النهج لاعتقادها بأن هذا هو الإعلام العصري وأن عليها أن تواكب القنوات الأخرى دون أن تعلم خطورة ما تفعل.
وتطور الأمر لدى عديد القنوات الفضائية بحيث أصبحت تستضيف محللين متعددي الشكل والثقافة والخبرات لكنهم متفقين على تقديم نفس المحتوى، ويستمرون في الحوار لساعات وساعات بذات الاتجاة وبلغة خشبية جوفاء حتى يفقد الحدث أهميته، ويبدأ المتلقون بالابتعاد عن القضية ويهتمون بشكل أكبر بما يقوله المحللون وطريقة ادائهم ليبتعدوا عن أرض الواقع، وهنا يدخل دون إدراك في عالم اللامبالاة وهو العالم الذي تعمل عديد الفضائيات على نشره بين المواطنين العرب، بغية قتل العزيمة وروح التحدي والتعامل مع القتل والإجرام في فلسطين ولبنان على أنه محصلة طبيعية لما يجري.
لقد ظهر أن المعلم الأول للعديد من للقنوات الفضائية هو وزير الإعلام الألماني جوزيف غوبلز صانع الفكر الإعلامي الجديد بفضل مقولته : "اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس"، لتتخذ القنوات الفضائية هذه الكلمات نبراساً تقتدي بها للعبث بالمجتمعات التي صدقت الكثير الكثير من أكاذيبهم لتدفع الأوطان ثمن هذا التجهيل بدماء طاهرة ثم بتحييدها عن قضاياها الوطنية لنشعر أن الأمة ماتت، رغم أنها لا زال تسير على الأرض الهشة القابلة للتحطم في أي لحظة.
آخر الكلام:
تقوم نظرية المؤامرة على نقص المعرفة والخوف مما نعرف ولا نستطيع اثباته والبحث عن ملء الفراغ الفكري، فيما المؤامرة الكُبرى على الأمة العربية ليس بقتل عدة ملايين من أبنائها بل بموت بقية الموجودين وهم على قيد الحياة.