الحاجة الملحة لنشر ثقافة إدارة الأزمات
المحامية رانيا أبو عنزة
02-10-2024 02:11 PM
ما شهدنا مؤخرًا من استهتار البعض في الشوارع أثناء مرور الصواريخ فوق سماء الوطن يثيرة الدهشة والاستغراب .
تلك المشاهد تعكس استهانة ملحوظة لدى البعض وقلة وعي وادراك بخطورة تلك الأحداث، بل تعكس نقصًا خطيرًا في إدراك المخاطر الناتجة عن سقوط هذه الأجسام.
هذه التصرفات، التي قد تبدوا عفوية، هي في الحقيقة مؤشر خطير على غياب الوعي وثقافة إدارة الأزمات لدى شريحة واسعة من المجتمع، وتستلزم مراجعة شاملة لتثقيف الناس حول كيفية التصرف في مثل هذه المواقف الحرجة.
قيام بعض المواطنين بتصوير الصواريخ، والوقوف بجانبها للتفاعل والاحتفال يعكس غيابًا شبه كامل للفهم الحقيقي لحجم الخطر الذي يحيط بهم.
الأزمات التي تهدد حياة الإنسان، ليست لحظات لتوثيق الذكريات أو اللهو، بل هي مواقف تستدعي التدخل العاجل وامتلاك الوعي الكافي للتصرف بشكل منطقي و آمن.
مثل هذا السلوك ليس فقط سلوكًا غير واعٍ، بل هو مؤشر خطير على مدى تهاون البعض في التعامل مع الكوارث، وهو ما قد يؤدي إلى نتائج كارثية، لا تقتصر على الأفراد الذين يقومون بها بل تمتد لتشمل المجتمع ككل.
في حالات الطوارئ، يكون استهتار البعض بمخاطر تهدد حياتهم وحياة من حولهم تصرفًا غير مسؤؤل قد يفاقم الأزمات ويعرقل عمل فرق الإنقاذ.
على تلك المؤسسات الرسمية والمجتمع المدني والجامعات والمدارس مسؤليات كبيرة لتثقيف الناس و نشر الوعي.
لا شك أن هناك نقصًا كبيرًا في تعليم وتثقيف المجتمع حول كيفية إدارة الأزمات في المجتمع ، بدءًا من المدارس ووصولاً إلى الجامعات ومؤسسات الدولة والمجتمع المدني .هذا النقص يعزز السلوكيات غير الواعية التي نراها في مثل هذه الأزمات.
من الضروري أن يصبح تعليم إدارة الأزمات جزءًا من ثقافة المجتمع، بحيث يتعلم الجميع الأساسيات المطلوبة للتصرف السليم في المواقف الحرجة.
السلوك الاستهتاري خلال الأزمات لا يعرض فقط الأفراد للخطر المباشر، بل قد يؤدي إلى عرقلة جهود الإنقاذ والإغاثة، حيث ينشغل البعض بتصوير الأحداث بدلًا من اتخاذ الاحتياطات اللازمةأو تقديم المساعدة لمن يحتاجها.
لذلك، تقع مسؤولية كبيرة على المؤسسات الرسمية والمجتمع المدني، وكذلك المدارس والجامعات، في نشر الوعي وتعليم ثقافة إدارة الأزمات.
للتصدي لهذا السلوك غير المسؤول، يجب أن تكون هناك جهود مشتركة لتثقيف المجتمع حول أهمية إدارة الأزمات وكيفية التصرف السليم في حالات الطوارئ.
من الضروري عمل حملات مكثفة عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي منها إرسال رسائل نصية وتوجيهات عبر الهواتف المحمولة يمكن أن يكون وسيلة فعالة لتوعية المواطنين بضرورة الالتزام بالأجراءات الوقائية في أوقات الأزمات.
هذه الرسائل قد تكون تعليمات واضحة ومباشرة حول ما يجب فعله أثناء الأزمات لتجنب الخطر والمساعدة في حفظ الأرواح .
ما شهدناه من سلوكيات غير واعية أثناء الأزمات هو جرس إنذار يتطلب منا جميعًا إعادة التفكير في نشر ثقافة إدارة الأزمات. إذا لم نبدأ بتعليم وتثقيف الأجيال القادمة حول كيفية التعامل مع الأزمات بطريقة صحيحة ومسؤولة، فقد نواجه مستقبلاً مليئاً بالنتائج الكارثية.
المطلوب الآن هو بناء وعي جماعي يؤكد أن السلامة تتطلب الانضباط، والإلتزام بالتوجيهات هو السبيل الأمثل لضمان الحماية للجميع.