facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




كتاب التكليف السامي يعكس رؤية ملكية لتحديث المنظومة الاقتصادية


النائب الدكتور شاهر شطناوي
02-10-2024 01:20 AM

لقد حمل كتاب التكليف السامي الذي وجهه جلالة الملك عبدالله الثاني لدولة الدكتور جعفر حسان عددا من المحاور والرؤى الملكية السامية، التي تحتاج إلى تحليل وفهم عميقين، من أجل الوصول إلى واقع يترجم هذه الرؤى وينعكس إيجابا على أرض الواقع، ولقد تطرقت في مقالي السابق إلى الفقرة الأولى التي جملت رؤية إصلاحية سياسية ومؤسسية، وبالوقوف على الفقرة الثانية، فإننا نقف أمام رؤية أخرى يضعها جلالته بين يدي هذه الحكومة، وبالنظر لمضمونها فإنه يستوجب فهماً عميقاً للرؤية الشاملة للإصلاح الاقتصادي في الأردن، حيث تتضمن الفقرة مضامين عدة تتعلق بالاستقرار المالي، وجذب الاستثمار، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام، وهذا يتطلب التوسع في التحليل من منظور سياسي واقتصادي.

فقد عبرت رؤية جلالته التزام بتطبيق رؤية التحديث الاقتصادي من خلال متابعة دقيقة على أعلى مستويات الدولة، وهذا يشير إلى حرص جلالته على تقديم خريطة طريق واضحة لضمان التنفيذ الفعلي لخطط الإصلاح الاقتصادي، وهذا يعبر عن تجسيد حقيقي لمفهوم العقد الاجتماعي بين القيادة والشعب، حيث يطلب جلالته من الحكومة تنفيذ السياسات الاقتصادية بشكل يتوافق مع تطلعات المواطنين، ولا شك أن تجسيد هذه الرؤية يعكس فلسفة الحكم الرشيد القائم على الشفافية والمساءلة، وهي عناصر ضرورية لضمان نجاح أي عملية إصلاح اقتصادي، فالملك لا يكتفي فقط بوضع الأهداف، بل يحرص على متابعة تنفيذها بشكل شخصي، مما يعزز من شرعية العملية الإصلاحية.

ويتضح من كتاب التكليف أن النمو الاقتصادي المطلوب ليس مجرد نمو رقمي أو إحصائي، بل هو نمو شامل ومُستدام، والاستدامة في هذا السياق تعني قدرة الاقتصاد على الحفاظ على وتيرة التطور دون استنزاف الموارد أو تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، من منظور آخر يتجلى الاهتمام بالتنمية البشرية والاجتماعية، حيث يطرح جلالته النمو كوسيلة لتحسين جودة الحياة ورفع مستوى معيشة المواطن، وقد أشار جلالته إلى أن النمو الشامل يستند إلى تعزيز الاستثمار المحلي والدولي كعنصر رئيسي لتحقيق هذا الهدف، وأن الاستثمار هنا ليس مجرد عملية لجلب رؤوس الأموال، بل هو جزء من فلسفة اقتصادية تركز على تمكين المواطنين اقتصاديًا من خلال توفير فرص العمل وتحقيق رفاهية مستدامة، ويُفهم من ذلك أن رؤية الملك تتجاوز النمو الاقتصادي إلى تعزيز العدالة الاجتماعية والاقتصادية.

وفيما يتعلق بالسياسة المالية التي يدعو الملك إلى اتباعها فيمكن القول أنها تعكس نوعاً من الحذر الإبداعي في مواجهة التحديات المالية الإقليمية والدولية، كما يأتي الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي وضبط المديونية ضمن إطار الاستدامة المالية التي تحمي الاقتصاد الوطني من الانزلاق نحو الأزمات، بحيث يمكن ربط هذه السياسة بمفهوم التوازن الحكيم بين التحفظ في الإنفاق الحكومي وبين الحاجة إلى دعم المشاريع التنموية.

ويأتي التركيز على المشاريع الكبرى في القطاعات الأساسية مثل المياه، النقل، والطاقة ليعكس فهمًا عميقًا للتحديات التي تواجه الأردن، خاصة في سياق ندرة الموارد المائية وزيادة الطلب على الطاقة والنقل، ويمكن النظر إلى هذه القطاعات على أنها الركائز الأساسية لاستقرار الدولة على المدى الطويل، فالاستثمار في البنية التحتية ليس فقط وسيلة لتحسين الخدمات، بل هو استثمار في استقرار الدولة وحماية أمنها الاستراتيجي.

وهنا يشير الملك بوضوح إلى أن الاستثمار هو المفتاح الحقيقي للنمو الاقتصادي، وليس الاعتماد على المساعدات الخارجية، وهذا يعكس فلسفة اقتصادية قائمة على الاعتماد على الذات، حيث يسعى الأردن إلى تحقيق استقلالية اقتصادية من خلال تحفيز الاستثمار الداخلي والخارجي، وهذا يتطلب خلق بيئة حاضنة للاستثمار شريطة تحسين الإطار التشريعي والتنظيمي، وهو ما يشير إلى فلسفة التحديث القانوني التي تعكس فهمًا عميقًا للعلاقة بين الدولة والاقتصاد، فمن خلال تخفيف العوائق البيروقراطية يمكن تحقيق تدفق سلس لرأس المال وتوفير بيئة تنافسية جاذبة للمستثمرين.

ويأتي التركيز على التعاون الإقليمي والدولي ليعكس وعيًا بدور الأردن كمحور إقليمي للتجارة والاستثمار، حيث يمكن اعتبار هذا التوجه تجسيدًا لفكرة التكامل الإقليمي الذي يسعى إلى تعزيز العلاقات مع الدول المجاورة والشركاء الدوليين بهدف تحقيق مصالح مشتركة، ويأتي التعاون في إعداد وتنفيذ المشاريع الاستثمارية في نفس السياق ليعكس بعداً دبلوماسياً اقتصادياً، حيث يسعى الأردن إلى تأكيد موقعه الاستراتيجي كوجهة للاستثمار ضمن منظومة التعاون الإقليمي والدولي.

وقد أشار كتاب التكليف أيضا إلى الاهتمام بتحسين تجربة المستثمرين من خلال تبسيط الإجراءات، وهذا يعكس إدراكًا بأن الاستثمار ليس مجرد تدفق لرأس المال، بل هو عملية تتطلب بناء ثقة طويلة الأمد بين الدولة والمستثمرين، وهذا يُظهر فلسفة ملكية تقوم على الشفافية والوضوح في إدارة الشؤون الاقتصادية، حيث يصبح المستثمر شريكًا فعليًا في عملية التنمية وليس مجرد مصدر تمويل.

فهذا الفقرة من كتاب التكليف السامي تعكس رؤية شاملة للإصلاح الاقتصادي مبنية على الاستدامة، الشفافية، والتحديث، وقد أكد الملك من خلالها على أهمية النمو الشامل والمستدام، مع التركيز على دعم المشاريع الكبرى وتحسين بيئة الاستثمار، وهذه الرؤية تنبثق من فهم فلسفي عميق لدور الدولة في تعزيز العدالة الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق تنمية مستدامة تصب في مصلحة المواطنين، فالفلسفة السياسية والاقتصادية التي يتبناها جلالة الملك تقوم على التوازن بين الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي وضرورة التكيف مع التحديات العالمية والمحلية، مما يجعل الأردن في موقع متقدم لتحقيق رؤيته المستقبلية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :