البنية التعليمية والحلول المستقبلية
د. هند ابو الشعر
18-05-2011 05:03 AM
ما يحدث في الوطن العربي ليس حدثا عاديا ، ظهر فجأة على السطح ، ولا يمكننا التعامل مع دور الشباب فيه بحياد ، إنه جوهر البناء الذي يجب أن نعيد بناءه للزمن العربي القادم في هذا القرن العجيب ، هذه بداية لزمن آخر غير الزمن الذي صنعناه نحن ، وهنا بيت القصيد .
نسأل أنفسنا ونحن نتابع فورة الفعل عند شباب الوطن العربي ، هل هؤلاء نتاج الأنظمة التعليمية التي هندسها جيل الكبار ..؟ هل صنعت أنظمتنا التعليمية فكر هؤلاء الذين اعتصموا وأصروا على مطالبهم ووقفوا في مواجهة الأنظمة بجرأة مذهلة ، وهل يمكن للأنظمة التعليمية أن تتنصل من تبعة بناء هذه الأجيال ...؟ والسؤال الجوهري الذي يواجهنا كلنا الآن في كل الوطن العربي، هل يمكن للأنظمة التعليمية العربية الحالية أن تظل على حالها وهل يقبلها هذا الجيل الذي شكل لنفسه بداية لزمن جديد ..؟
لا أشك أبدا أن الثورة التي يقودها الشباب تحمل ثورة صريحة على نمط التعليم أولا وقبل كل شيء ، لقد أشبعناهم تلقينا وهمشنا عقولهم وقولبناها في دائرة ضيقة من الحفظ والقولبة .. وأنا أشهد بأن الجامعات الأردنية كلها في الكليات الإنسانية تلقن وتلقن وتلقن ...! وأن المكتبات ووسائل التعليم التقنية غائبة عن جيل الديجيتال ، الذي يعيش مع الخلويات والشبكة العنكبوتية واالفضائيات التي لا حصر لها ، وهذا يعني أننا نقتل فيهم الإبداع والتعبير عن الذات والأمر المضحك أننا نريدهم لزمننا الذي مضي ...! وهم نتاج هذا التغير الذي يتسارع بسرعة الضوء ، والأمر المضحك أكثر أننا نتباكى على مستوى معرفتهم المتدني ، لأننا نفترض أن معرفتنا السابقة هي المعيار ، وننسى أن المعرفة لم تعد في تلافيف دماغ أي أستاذ جامعي ، لأنها متاحة بلا حدود ، ونتناسى أن دور الأستاذ الجامعي اليوم هو تعليم المنهج وليس تلقين المعلومات ...! فهل نلوم أنفسنا على تقصيرنا في فهم الجيل الذي نقوم على تعليمه ونصر على التعامل مع زمنه بمعاييرنا التي تجمدت ..؟ والسؤال الرئيس هو أين نقطة التلاقي ..؟ أين ...؟
الحق الحق أقول لكم بأن ما حدث تمرد على نمط التعليم أولا وقبل كل شيء ، نمط فهم العلاقة بين الحاكم و المحكوم هي جزء من المنظومة الكبيرة التي تصوغها عقلية نصنعها نحن ، وآن أوان التشارك مع هذه الأجيال الرائعة التي فاجأتنا وسحبت البساط من تحت أقدامنا ..علينا أن نعيد صياغة معادلة العلاقة بين المعلم و المتعلم في وطننا العربي لنعيد صياغة الإنسان الذي همشناه طويلا ، فلماذا نستغرب أن يطالب الشباب بالديموقراطية ما دمنا ننظر عليهم ونعلمهم كيف صنعت الشعوب ديموقراطياتها وكيف مارستها ..؟ نحن نعلم كل هذه التجارب لدى الشعوب ، فهل نتوقع أن يحفظ الطلبة هذه المعلومات ليجتازوا الامتحانات أم ليتعلموا الفعل الديموقراطي ..؟ ألم أقل لكم بأن المشكلة تبدأ من أنظمتنا التعليمية ..؟.
(الدستور)