facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الوحدة العربية في مواجهة استراتيجيات الإنهاك والتآكل البطيء


د. هاني الضمور
30-09-2024 04:50 PM

في ظل التحديات الراهنة التي تواجه الأمة العربية، تتعالى الأصوات المنادية بالوحدة والوقوف صفًا واحدًا في وجه المخاطر المحدقة. هذه المخاطر لم تعد تقليدية أو تأتي على شكل حروب مباشرة، بل باتت تتجسد في استراتيجيات مدروسة تهدف إلى تدمير الدول من الداخل، عبر عملية بطيئة ومستمرة من الإنهاك والتآكل. إحدى أبرز تلك الاستراتيجيات تم الكشف عنها في محاضرة خطيرة ألقاها البروفسور “ماكس مانوارينج”، خبير الاستراتيجية العسكرية في معهد الدراسات التابع لكلية الحرب الأمريكية، في الأول من ديسمبر 2018، في إسرائيل، بحضور كبار الضباط من حلف الناتو وجيش الاحتلال.

استهل مانوارينج محاضرته بالقول إن أسلوب الحروب التقليدية صار قديمًا، وأن الجيل الرابع من الحروب أصبح هو السائد اليوم. لكنه لم يتوقف عند هذا الحد، بل شرح بالتفصيل الهدف الحقيقي من هذه الحروب الجديدة، وهو ليس تحطيم الجيوش أو تدمير البنى التحتية العسكرية، بل “الإنهاك والتآكل البطيء”، كما قال حرفيًا: “هدفنا هو إرغام العدو على الرضوخ لإرادتنا عبر زعزعة الاستقرار من الداخل”. ويضيف مانوارينج: “الهدف هو خلق الدولة الفاشلة، من خلال استخدام مواطنين من داخل الدولة نفسها لتنفيذ هذه العملية ببطء وهدوء. سوف يستيقظ عدوك ميتًا”.

هذه المحاضرة، التي يمكن اعتبارها من أخطر ما قيل في التاريخ الحديث، تفسر بشكل واضح ما يجري في العالم العربي والإسلامي من حروب وصراعات أهلية مسلحة. العبارة المفتاحية في هذه المحاضرة هي “الإنهاك والتآكل البطيء”، التي تعني بشكل أساسي تدمير الدول والمجتمعات على مراحل، وتحويل الشعوب إلى مجموعات هائمة وغير قادرة على تلبية احتياجاتها الأساسية.

لكن السؤال الأهم الذي يطرحه مانوارينج: لماذا لا يتم تدمير الدول بسرعة؟ ولماذا يتبعون استراتيجية التآكل البطيء؟ الإجابة واضحة: التآكل البطيء يسمح بنقل الحرب من جبهة إلى أخرى، ومن أرض إلى أخرى، واستنزاف قدرات الدولة على مراحل. الهدف هو إبقاء الدولة في حالة من الصراع المستمر، مع تهدئة وتسخين الجبهات حسب الحاجة، دون السماح للدولة بالانهيار الكامل مرة واحدة، لأن الانهيار السريع قد يترك بعض المؤسسات على قيد الحياة.

التخطيط لهذا التآكل البطيء يتم بشكل متعمد ومدروس، باستخدام عناصر داخلية من الدولة المستهدفة، كما يحدث في العراق وسوريا واليمن وليبيا، وحتى اقتصاديًا في لبنان. هذه العمليات تجري تحت غطاء شعارات مثل “حقوق الإنسان”، “الديمقراطية”، و”الحرب على الإرهاب”، لكنها في الحقيقة تهدف إلى تقويض الدول والمجتمعات، وتحويلها إلى تابعين لا حول لهم ولا قوة.

الخطورة هنا لا تكمن فقط في الكلمات التي ألقاها مانوارينج، بل في المكان الذي أُلقيت فيه المحاضرة: إسرائيل، وفي الحضور الذين كانوا من كبار الضباط في حلف الناتو وجيش الاحتلال. هذا يوضح بجلاء أن ما يجري في منطقتنا ليس عشوائيًا، بل هو جزء من مخطط كبير لإضعاف الدول العربية والإسلامية، وجعلها في حالة دائمة من الفوضى والتبعية.

البروفسور مانوارينج لم يكن يتحدث في فراغ، بل ألقى محاضرته أمام قادة عسكريين ينفذون هذه الاستراتيجية بحذافيرها. قال بوضوح مخاطبًا هؤلاء الجنرالات: “في هذا النوع من الحروب قد تشاهدون أطفالًا قتلى أو كبار السن، فلا تنزعجوا… علينا المضي نحو الهدف مباشرة”. بمعنى أن أي ضحايا بريئة في هذه الحروب ليست سوى “أضرار جانبية” لتحقيق الهدف الأكبر، وهو السيطرة الكاملة على الدول المستهدفة.

إن ما يحدث في منطقتنا العربية من صراعات وحروب مستمرة ليس صدفة، بل هو جزء من استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تدمير مقدرات الشعوب، وإضعاف دولها حتى تصبح غير قادرة على الدفاع عن نفسها. السؤال الذي يجب أن نطرحه الآن: أليس فينا رجل رشيد؟ أين القيادات التي ستنهض لتواجه هذه المؤامرات الكبرى؟ أين الوحدة العربية التي ستجعل العالم يحسب لنا حسابًا؟

“ما حك جلدك مثل ظفرك”. لا يمكن للأمة العربية أن تعتمد على التحالفات الخارجية لحمايتها. يجب أن نعود إلى وحدتنا وقوتنا الذاتية، ونعمل سويًا على بناء مستقبل آمن ومستقر لأجيالنا القادمة. إن الاستمرار في الانقسام والتشتت لن يؤدي إلا إلى مزيد من الضعف والتبعية.

حان الوقت لأن نفيق قبل فوات الأوان، وأن نتعلم من التاريخ، لأن مستقبل الأمة العربية يعتمد على قدرتنا في مواجهة هذه الاستراتيجيات الخبيثة التي تُنفذ أمام أعيننا، وبأيدينا نحن. فهل سنسمح لهم بتحقيق أهدافهم؟ أم سننهض لنحمي أوطاننا ونستعيد كرامتنا .

استدراك الامر قبل فوات الاوان..استيقضوا يا عرب ؟





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :