مشهد إعلامي مؤسف .. وطننا ملاذنا الأخير
د. أشرف الراعي
30-09-2024 03:50 PM
قبل عامين، وعلى صفحات هذا الموقع الإخباري المحترم "عمون" كتبت مقالاً كان عنوانه "مشهد إعلامي مؤسف.. أعيدوا البوصلة"، وهي دعوة كانت منذ ذلك اليوم، وحتى الآن مفتوحة، ولا تزال في مواجهة كل السوء الذي نشاهده على "مواقع التواصل الاجتماعي"، والمنصات الإخبارية "الكمية لا النوعية"، والتي تغذي فكر المشاهد وعقله وقلبه أحياناً بترهات، يمكنها أن تحدث شرخاً في شعوره حتى اتجاه وطنه، لكن المطمئن رغم كل هذا السوء أن الأردنيون يتطلعون إلى وطنهم من "قلب عامر بالإيمان" أن هذا الوطن قوي ومحمي وأن جيشه سياجه وأمنه، وأن لا أحد يمكن أن يزاود على وطننا ومؤسساته أياً كان، وكيفما كان.
يعيش الإعلام (للأسف) - وقد قلتها مراراً وما زالت – حالة من التراخي، والانفلات، والسوء لا يمكن معه نقل الصورة الحقيقية للوطن، وجيشه، وأمنه، واطمئنانه.. يعيش حالة من التراجع المؤسف، وهذا كله عائد لأسباب منها تشريعية ومنها واقعية ومنها تتعلق بانتشار منصات ومواقع التواصل الاجتماعي، التي باتت هي المصدر الأول والأخير للمعلومات، ولا أحد يمكن أن يميز بين الغث والسمين.. لا أحد يمكن أن يميز بين الصحيح وعدمه، مع تراجع ملفت في أخلاقيات نشر الأخبار أحياناً.
إن أول الحلول لمواجهة هذا الانفلات أن تأخذ نقابة الصحافيين الأردنيين دورها الواجب قانوناً (وهذا حق النقابة الأصيل بموجب القانون) في مقاضاة كل من يعرف عن نفسه بأنه صحافي وهو ليس كذلك، فضلاً عن تعديل قانون المطبوعات والنشر وتعديل قانون نقابة الصحافيين الأردنيين، ورفع الوعي المجتمعي بأهمية الإعلام.. ومراجعة قانون الجرائم الإلكترونية والقوانين الناظمة الأخرى للمنصات الرقمية بشكل مستمر وبما يسهم في مواكبة التقدم والتطور الذي تشهده هذه المنصات.
وكذلك، إعادة الدور الحقيقي لمؤسساتنا الإعلامية والصحافية الراسخة؛ كالصحف والإذاعات التقليدية (معروفة المصدر) والمجلات وقنوات التفلزة الحقيقية التي تبث الخبر كما هو من دون اجتزاء، أو فلسفة أو إضافة أو غيرها من التدخلات التي يمكن أن تضيف إلى الأخبار واقعاً غير موجود، لمواجهة الانفلات من الضوابط القانونية والأخلاقية التي يفترض أن تكون أساساً مرجعياً لكافة وسائل الإعلام فيما تنشر سواء في وسائلها التقليدية أو الإلكترونية أو عبر منصاتها الرقمية على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكما قلت سابقا وما زالت، نحن اليوم بحاجة ماسة إلى مراجعة كل المنظومة الأخلاقية والإعلامية، ابتداءً من قانون المطبوعات والنشر ليكون مظلة للإذاعات ووسائل التلفزة وكذلك قانون نقابة الصحفيين الأردنيين، وقانون حق الحصول على المعلومات وقانون الجرائم الإلكترونية وحتى قانون العقوبات فيما يتعلق بقضايا النشر، بما يعزز من حرية الرأي والتعبير المنصوص عليها في المادة 15 من الدستور الأردني من جهة، ويضبط النشر بضوابط قانونية وأخلاقية ملتزمة لا تسيء للمجتمع وأركانه من جهة أخرى، فضلاً عن عقد العديد من الاتفاقيات الدولية الفاعلة في هذا المجال لضبط الإساءات التي تنطلق من خارج المملكة من دون دليل أو سند قانوني، وكلها تصب في إطار الإساءات والاتهامات الباطلة.
نحن بحاجة إلى إعادة البوصلة لمسارها الصحيح