facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بين بيجين وشنغهاي .. رحلة عبر الزمان والمكان


مصطفى القرنة
30-09-2024 09:44 AM

في صباحٍ مشمس، ركبنا القطار السريع من بكين إلى شنغهاي، حملت حقيبتي الكبيرة وأسرعت اركب التكسي باتجاه المحطة، هذه المحطات لي معها حكايات كثيرة، كانت الأجواء تعج بالحماسة، وكانت نفسي تتوق لاستكشاف آفاق جديدة، لم يسبق لي أن ركبت قطارا فائق السرعة، في الواقع كنت أحب رؤية شنغهاي بتاريخها الذي قرأته وحكاياتها كمدينة عالمية لها حضورها، وبصراحة كنت افكر بكتابة رواية عنها، مرت ربما ساعة وانطلق القطار، وبدأنا نقطع الحقول الخضراء الشاسعة، التي كانت تتلألأ تحت أشعة الشمس الذهبية، كانت المناظر الطبيعية تتغير بسرعة، كما تتغير الأفكار في ذهني، مما جعلني أشعر بأنني في رحلة عبر الزمن والمكان، هل تبدأ الرواية من هنا لم أكن على يقين بذلك.

بينما كنت أتأمل المشهد الخلاب، تخيلت نفسي في طائرة تحلق عالياً، حيث تطلعت إلى السحب التي تتراقص فوقي، هذا التخيل أعدني لرحلة فريدة، وعادت إلي ذكريات متنوعة وحكايات كنت أعتقد أنها فقدت في غياهب الزمن، تذكرت تلك الأيام التي قضيتها في استكشاف بكين، المدينة التي لا تمل من سحرها.

رغم طول المسافة بين المدينتين، استطاع القطار أن يقطعها في زمن قياسي، كأنما الزمن نفسه كان يسابقنا، ولكن، رغم السرعة، كان هناك شيء ما ينقصني: لم يكن لدي أي نسخة من كتابي "أنا والشمس وبكين"، الذي كان يحوي على تجاربي وشعري عن زيارتي للمدينة، في بكين، وزعت كل نسخ ذلك الكتاب في معهد الدراسات الدولية، وهو ما جعلني أشعر بنوع من الفقد، كان الكتاب يتحدث عن جمال بكين في الليل، وكيف أن المدينة تتلألأ بأضوائها وتبث الحياة في شوارعها.

استرجع في ذهني رحلاتي إلى المعالم التاريخية، لقد زرت ملعب "عش الغراب" الذي يُعد رمزاً للحداثة الصينية، حيث تجمع فيه الفن والهندسة، من هناك، انطلقت إلى "المدينة المحرمة"، تلك القلعة الشاسعة التي تروي قصص سلاطين الصين وتاريخها العريق، كانت زيارتي لتلك الأماكن تجسيداً لارتباطي العميق بالثقافة الصينية، وكانت تفاصيل كل زاوية في المدينة المحرمة تدعوني لاستكشاف المزيد.

وفي أثناء سفرنا، كانت المناظر من حولي تتبدل، من الحقول الخضراء إلى المناطق الحضرية الصاخبة، مما جعلني أدرك مدى التغير الذي شهدته الصين في العقود الأخيرة. كانت رحلة القطار، في جوهرها.

كما أتيحت لي الفرصة للحديث مع المسافرين الآخرين. كانت هناك قصص مختلفة تتقاطع، كل واحد منا يحمل حكاية فريدة، وكل واحد منا يتطلع إلى شيء مختلف في وجهته. تواصلت الأرواح بيننا، وكأننا كنا نشارك جميعاً في قصة واحدة.

مع اقتراب القطار من شنغهاي، بدأت أشعر بشوق لا يوصف لاستكشاف المدينة الجديدة، فقد قال لي أحدهم ان هناك حيا للعرب التجار فيها، ولم أعرف من اين ابدأ ،لكن في قلبي، كانت هناك مساحات من الحنين لتلك الذكريات التي عشتها في بكين، شعرت أن كل محطة في تلك الرحلة ليست مجرد محطة جغرافية، بل هي لحظة من لحظات الحياة التي تعيد تشكيلنا.

وهناك التقيت دكاترة اللغة العربية في الجامعات الصينية حيث استضافنا معهد الدراسات الدولية في شنغهاي، وزرت أحياء تلك المدينة الجميلة التي فكرت كثيرا أن أكتب عنها عملا ادبيا، وعندما انتهت الرحلة التي تركت أثرا سيبقى طويلا في نفسي فهي ليست انتقالا من مكان لاخر بل رحلة داخل الذات تفتح آفاقا جديدة وتقدم زادا لمواصلة الإبداع والفكر الخلاق، فتبقى حاضرة لا ينال منها النسيان.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :