facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




في الكرامة الوطنية


حاتم القرعان
30-09-2024 09:19 AM

في مشهد يعكس تآكل القيم الوطنية وانحدار الهيبة البرلمانية، يقف عدد من نواب الأمة في طابور طويل عند مدخل منزل السفير البريطاني، يخضعون للتفتيش قبل دخولهم لتلبية دعوة عشاء. مشهد يُفترض أن يكون غريبًا وغير متوقع من ممثلين لشعب أَبِيّ، لكن ما حدث في تلك الليلة يفتح الباب أمام تساؤلات أكبر حول مكانة الكرامة الوطنية في نفوس هؤلاء النواب، وعن مدى فهمهم لدورهم الحقيقي في الحياة السياسية الأردنية.

إن هذه الدعوة لم تكن مجرد مأدبة عشاء دبلوماسية، بل كانت اختبارًا للسيادة والكرامة. كيف لنائب منتخب أن يقبل بأن يهان وهو يمثل أمة عريقة؟ هل تساوت الكرامة الوطنية بثمن وجبة عشاء في حديقة سفير دولة لها تاريخ طويل في استعمار الشعوب؟ وهل يدرك هؤلاء النواب حقيقة أنهم ليسوا فقط ممثلين لشعبهم، بل لحريته وسيادته؟

ما يثير الغضب أكثر هو التوقيت والمناسبة. كيف يعقل أن يتجاهل هؤلاء النواب خطاب العرش، الذي يعتبر جزءًا لا يتجزأ من وجدان الأردنيين وكرامتهم، لصالح حضور دعوة سفير؟ أكان ذلك عن جهل أم عن قصد؟ وفي الحالتين، فإن النتيجة واحدة: تآكل الهيبة الوطنية وتراجع الشعور بالمسؤولية أمام واجباتهم كممثلين للشعب.

من ناحية أخرى، يُطرح تساؤل مشروع: هل كانت هذه الدعوة جزءًا من محاولة للتأثير على النواب الجدد وتوجيههم نحو مصالح معينة؟ أم أنها مجرد تصرف أخرق من نواب لا يدركون أبعاد الدور الذي يمثّلونه؟ بغض النظر عن الإجابة، فإن ما حدث يعكس أزمة عميقة في فهم بعض النواب لدورهم.

على النقيض من هذا السقوط، كان هناك من أظهر مواقف مبدئية تستحق الاحترام، كنواب جبهة العمل الإسلامي الذين رفضوا الدعوة بسبب المواقف التاريخية لبريطانيا في دعم الاحتلال الإسرائيلي. هؤلاء النواب أدركوا أن الكرامة الوطنية لا تُباع ولا تُشترى، وأن تمثيل الشعب يتطلب موقفًا صلبًا وصريحًا أمام كل من يحاول المساس بسيادة الوطن.

الشعب الأردني، الذي ينتخب ممثليه ليكونوا حراسًا للكرامة الوطنية، لن ينسى هذا المشهد المخزي. بل سيظل هذا الحدث وصمة في تاريخ بعض النواب، تذكرهم دائمًا بأن السيادة ليست مادة للمساومة، وأن من يتنازل عنها لمجرد وجبة عشاء لا يستحق أن يكون في موقعه.

إن الحفاظ على الكرامة الوطنية ليس مجرد شعار يُرفع، بل هو مسؤولية أخلاقية وسياسية. وما حدث في تلك الليلة يجب أن يكون درسًا لكل نائب، بل ولكل مواطن، بأن السيادة والكرامة ليستا قابلتين للتفاوض، وأن الشعب الأردني لن يتسامح مع من يتنازل عن حقه في الكرامة والسيادة لأي سبب كان.

حفظ الله الأردن، وحفظ الله جلالة الملك عبدالله الثّاني ابن الحسين وولي عهده الأمين..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :