لا يخفى على أحد اهمية الإعلام ودوره الحيوي في المجتمع والدولة من خلال توجيه الرأي العام بما ينفع الدولة والوطن ، وبما يضمن الحفاظ على امنه واستقراره وتجنيبه القلاقل والفتن ، الظاهر منها والباطن، من خلال نشر الوعي والفكر المتزن للمواطنين، والتوجيه الوطني المستمر ،من حيث تكريس الانتماء للوطن والولاء للنظام، والذي ينعكس ذلك الى زيادة مساحة الامن والامان، والرفاه المعيشي والتنمية المستدامة ، وهذا يضمن استمرارية العمل المنتج في المنظمات العامة والخاصة دون منغصات ولا اظطرابات، ولا اعاقات تحد من انتاجيتها ولا نموها واستمراريتها.
وكون الاعلام يعتبر منصة للتعبير عن الآراء والمواقف العامة والخاصة، فهو الوسيلة الانجع للتنفيس عن الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تطبق على انفاس المواطنين، وفي ظل تزايد هذه التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الأفراد، اجد حاجة ماسة لرفع سقف حرية الاعلام مساحة اعلى منا هو عليه ، كونه الاقدر على توجيه الرأي العام والافراد نحو التفكير النقدي البناء والبحث عن حلول تشاركية للمشكلات الاقتصادية والإجتماعية مع الحكومات .
ان اعطاء الاعلام سقفا ومساحة اعلى من الحرية الاعلامية بكافة اشكاله ، يزيد نشاطه ويتضاعف دوره، في تبني مشكلات المواطن ونقل شكواه ومعاناته للمسؤولين ، فهو وان يفعل ذلك وينقل من خلال برامج البث المباشر واللقاءات مع المسؤولين الا انه ما زال بحاجة لسقف اعلى ليجسر الفجوة بين الحكومات والمواطنين ، ويتيح ويوفر للأفراد منصة للتعبير عن آرائهم ومواقفهم، ويشاركهم مشكلاتهم وينتصر لهم ، حيث ان التعبير العلني عن الضغوط والمشكلات ومشاركتها يساعد الأفراد على التعامل معها بشكل أفضل ويمنحهم الشعور بأن أصواتهم مسموعة، ويخفف احتقانهم، حتى ولو لم يجد حلا لها فوري ، لان المواطن يشعر ويصبح جزء من الحل وليس جزء من المشكلة، فيبدأ يسعى لطرح حلول بدل ان يلقي المعضلات والمشاكل على كاهل الحكومة وينتظر حلول جاهزة.
يمكن للاعلام ذو السقف العالي أن يلعب دوراً محورياً في تقديم الحلول وكشف معاناة الاهلين ، والتي هي أهم من معظم الاخبار التي تشترك في تقديمها كل القنوات الاخبارية العالمية، فيمكن للاعلام تقديم مقترحات عملية لكيفية التعامل مع الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وحلول عملية توجه الرأي العام والمواطنين نحو التفكير الإيجابي، والعمل على التشاركية في تحسين الأوضاع، بدلاً من ترك المواطن مستسلما للضغوط، ولمعادات الحكومات واصحاب القرار، وصب جام غضبه عليها، والجلوس للطم الخدود والسب على الجدود والنقد وتكسير المجاديف وتعطيل واعاقة الحركة.
ان الاعلام الاستقصائي والمسؤول على وجه الخصوص، والمدعوم من اصحاب القرار ، يستطيع ان يسلط الضوء على الفساد أو المشكلات الهيكلية في المؤسسات الاقتصادية أو الاجتماعية بجرأة وثقة وامانة، فيلعب دوراً في محاسبة المسؤولين المنحرفين عن جادة الصواب، ويحدد ويسلط الضوء على الأسباب الجذرية للفساد، وللمشكلات الاقتصادية والاجتماعية، وتقديم حلول لها ، مما يدفع المجتمع نحو التغيير والإصلاح، وهو أداة حيوية لتعزيز التواصل والتضامن بين مختلف فئات المجتمع وبين الحكومات ، ويساهم في إيجاد تفاهم وتشاركية في تقديم حلول بناءة للمشكلات والمعضلات التي يواجهها الافراد والمجتمعات وكثير من منظمات القطاع الخاص، ويسهم في دعم التنمية المستدامة.
ادعو حكومة الدكتور جعفر حسان ان تضاعف من دعم الاعلام ، ورفع سقف الممارسة والنشاط الاعلامي المسؤول زيادة لما هو عليه ، فيكون اكثر انفتاحاً وتنفيساً فيمتص الاحتقانات المجتمعية، ويقوم مقام منصات التواصل الاجتماعي التي تعتبر متنفسا للمواطن، ولو بنسبة مسموحة ومعقولة .
ولا بد من اعطاء الصحافيين حصانة مسؤولة ضمن اطار وطني وملتزم، تمنع اعتقالهم وسجنهم وتتيح لهم التعبير بحرية عن رايهم وكشف المفاسد والفساد ، بدون ان يتعرض لهم احد او يصادر حريتهم ، باعتبار الصحافة السلطة الرابعة، ولا بد لهذه السلطة من ادوات تباشر بها عملها واول تلك الادوات الحرية المنضبطة المتزنة والملتزمة باطار الوطن ومصلحته .
هذه دعوة ارجو ان تجد صدىً وتجاوب من اصحاب القرار، والحكومة ، لما للاعلام من اهمية في تنفيس الاحتقان والتوتر الذي يرافق الازمات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة، ويسهم بتحويل السخط والنقمة الى تفاعل ايجابي وتشاركية اندفاعية لايجاد حلول تخدم الوطن والجميع وتهدي النفوس.