بعد اغتيال الامين العام لحزب الله حسن نصرالله في الضاحية الجنوبية ، تبادر إلى ذهني سؤال: " يا ترى لماذا قَلبتْ اسرائيل هرم اغتيالاتها؟ "
لماذا لم تبدأ برأس الهرم ثم تدرجت نحو صغار العناصر و القيادات؟ هل تريد بهذا تمزيق الجسد وصولا للرأس؟ .
هل كانت تريد تحطيم معنويات الحزب و معه نصرالله لكي يسهل عليها السيطرة عليهم؟ أمْ أن تضارب المعلومات التي كانت تستقيها من الجواسيس و وسائل الاختراق بعثرت تراتبية الاهداف؟.
اسئلة كثير تسأل في هذا الصدد ، الاختراقات غريبة و مريبة و مخيفة في آنٍ واحد ، هل ختمتْ اسرائيل السباق و تربّعت أعلى قمم التكنولوجيا و الذكاء البشري و الاصطناعي ، و الأهم من ذلك ، كيف يقرأ العالم ما حدث مؤخرا؟.
في عالمنا العربي المنشق أصلا ، و الذي تملأهُ الصدوع و الانقسامات ، كان خبر الاغتيال متباين الشعور ، بين متأسف و متألم و غاضب و سعيد و مهلّل ، فالسياسة جعلت الشوارع تسير بدرجات مختلفة.
منهم من يعلّل ذلك بما حدث بسوريا ، منهم من يتهم ايران و هي ليست ببعيدة عن هكذا اختراق ، فايران لديها من المصالح ما تجبرها على المساومة ، و منهم من يعتبر الحزب عماد المقاومة الذي ساند غزة طيلة أشهر الحرب.
المشكلة العميقة في تكويننا العربي هو أننا نضع الحياة برمّتها في خطيّن ، يا ابيض يا اسود ، إن لم تكن في صفّنا فأنت مع اسرائيل ، إن انتقدت الحزب فأنت اسرائيلي بامتياز ، وهذه طفولة تفكير لا أكثر ، بحيث من غير المنطقي اعتبار من هم ضد حزب الله أو حركة حماس اسرائيليين ، بل الاسرائيليين هم من ساهموا في تدمير هذه الفِرق و تشتيتها ، فالشباب في الحزب أو حماس هم شباب عربيّ ، هم عائلات و أمّهات و سلاسل من الحزن و الاسى ، نحزن عندما يعذّبوا و يفجّروا من قبل اسرائيل، تلك التي تتفاخر بما تفعل!
تاريخنا العربي مليء بالتناقضات ، بالاكاذيب ، بالتهويل و التضخيم ، إن لم نقم اليوم بقراءة واسعة و شاملة نقف بها عند الثغرات و الاخطاء فلن نتقدم ، اليابان عندما انسحبت و استسلمت في الحرب العالمية ، وضعت نصب أعينها الانحرافات و الاخطاء التي قامت بها ، فنفضت عن نفسها الغبار و قامت ، هذا ما نحتاجة ، وهذا ما يجب أن نسعى اليه.