*تربوياً، تعتبر التربية الفنية أحد مكوّنات البرنامج التعليمي المتكامل أو المنهاج أو المناهج- التعبير الدارج والذي يختلف عن الكتاب المدرسي. فالمنهاج التربوي عبارة عن منظومة متكاملة من العناصر وكأنه أوكسترا فكل أداةٍ فيه لازمة في وقتها المحدد، وغيابها يؤدي إلى خللٍ في المعزوفة / الأوكسترا. والتربية الفنية إضافة لدورها في تنمية الحس الجمالي لدى الطلبة، وبخاصة في المرحلة الإبتدائية، فإنها تسهم في تنمية قدراتهم التعليمية، وتخفزهم نحو الإبداع والإبتكار، كما أنها تعزز الترابط والتكامل بين مختلف المواد التعليمية الأخرى في المنهاج.
*وكأي مادة تعليمية، يُراعى في برنامج التربية الفنية ما يتناسب مع عمر المتعلم، والتدرّج المعرفي الفني، من السهل أو البسيط إلى المعقدّ أو المركب لتمكينه من إدارك الجوانب الجمالية في النشاط الفني، موسيقى أم مسرح أم أناشيد....الخ. وتتفاعل الأنشطة الفنية مع حواسّ المتعلم في إستجاباته الإنفعالية في المواقف الحياتية فيؤدي ذلك إلى تهذيب شخصيته وسلوكه بتوازنٍ وإعتدال، إضافة إلى إكسابه مهارات التركيز في التفكير والإداء.
*وتنطوي محتويات برنامج التربية الفنية على ثلاثة أبعاد رئيسية: التربوي والجمالي والإبداعي. فالبعُد التربوي يتضمن تحقيق جملة من الكفايات والمهارات والثقافة المعرفية لدى المتعلّم؛ أما البُعد الجمالي فيتضمن الإرتقاء بذوق المتعلم وإدراكه كنْه النواحي الجمالية في السلوكيات الشخصية؛ وأما البُعد الإبداعي فيتضمن إيجاد حالات إبداعية لديه تأتيه من حيث يدري أو لا يدري، فهذه الأبعاد أساسية لإختيار المادة التعليمية. كما أن تقييمها يخضع لتلك المعايير.
* كانت هناك محاولة في وزارة التربية والتعليم، قبل عشرين عاماً أو أكثر، ولم يُسعفهْا الوقت للإنجاز. وتتلخص في إيجاد ما يسمى (مدرسة المواهب) حيث يتم إختيار الطلبة من الصفوف الدنيا (1-5) للإلتحاق بها. وتتنوع برامجها حسب مواهبهم: موسيقى، غناء وأناشيد المسرح والرسم والفنون الأخرى، وأدعو وزارة التربية والتعليم إلى إحياء هذه الفكرة ودراسة إمكانية تنفيذها وفق تخطيطٍ سليم.
* وبذلك تكون التربية الفنية في مدارسنا ذات مكانة في منظومة المناهج، وذات أدوارٍ في بناء الشخصية التي ترمي إليها المناهج. شخصية متوزانة النمو، عاطفياً وإنفعالياً وثقافياً وسلوكاً إجتماعياً وأخيراً وهو الأهم التفكير،علمياً تأملياً متوزاناً.
"الدستور"