لم تكن "أم الجامعات" الجامعة الاردنية يوما مجرد جامعة اكاديمية تخرج طلابها للحياة العملية فحسب، بل ان هذه الجامعة دخلت وجدان كل اردني منذ تأسيسها ولغاية الان، فهي الاصل، وهي الام، و هي الشقيقة الكبرى، وفوق كل ذلك هي ايضا قصة نجاح وتحدي متواصلة ، عندما شحذ الرجال الرجال بالبداية (الحسين ووصفي وحابس) والكوادر الاكاديمية والادارية المتعاقبة هممهم في ظروف صعبة لتأسيس جامعة، فكانت جامعة للوطن منذ انطلاقتها، وحتى بإسمها، وتراكم الانجاز والنجاح الى ان وصلت الجامعة الى ما وصلت اليه الان، وسطرت لها موقعا متقدما بين الجامعات الاردنية والعربية، بل ومن اهم الجامعات على مستوى العالم ، وبشهادة اهم التصنيفات الدولية المعتمدة بهذا الصدد.
كنا ( ملتقى النخبة) بزيارة لهذا الصرح الوطني العريق، وتحاورنا مع الرئيس، معالي د. نذير عبيدات العالم الجليل، ونوابه، الذين اجابوا على جميع الاسئلة بشفافية قل نظيرها حيث كنا جميعا سائلين ومسؤولين بخندق واحد همنا المشترك، اعلاء شأن هذا الصرح كل ضمن وجهة نظره وإجتهاده والتي تصب جميعها نحو مصلحة الجامعة وبالتالي مصلحة الوطن.
تركز النقاش وطيلة حوالي اربع ساعات على واقع الجامعة والتعليم العالي والمدرسي بشكل عام، ثم التحديات والتطلعات، التي ترقى بهذا الواقع وتدفعه لتحقيق رؤية الجامعة كجزء لا يتجزاء من رؤية ورسالة الوطن.
اختلفنا مع الرئيس في أمور، لكننا اتفقنا في أكثر الامور المطروحة، وتبقى اهم التحديات التي تواجه الجامعة (علما بأن معظمها كانت تحديات وطن) تفوق قدرات الجامعة وإمكاناتها:
_ موقع الجامعة ، خصوصا بعد الاكتظاظ السكاني والمروري الذي تضخم بالعقود الاخيرة لمستويات غير مسبوقة, واصبح عبئا مؤرقا على الجامعة والمنطقة بشكل عام، ناهيك عن تجمع الكثير من المؤسسات الحكومية والاهلية في مساحة محدودة حول الجامعة، مما سبب معضلة معقدة ومركبة، بحاجة الى حل جذري وخلاق، وتكاتف وتنسيق جميع الجهات المعنية للخروج من هذا الواقع المتأزم والمتشابك.
_ مدخلات الجامعة، والمتمثلة معظمها بالتعليم المدرسي، فنرى ان الكثير من جهود الجامعة الاكاديمية والادارية يتم توجيهها لمعالجة مخرجات التعليم المدرسي وما طراء علية في الاونة الاخيرة من تعديل وتغريب وغزو ثقافي واضح بالمناهج وما الى ذلك.
_ التغيير، عندما تطورت الجدلية التاريخية هل البقاء للأذكى ام للأقوى ، لتصبح البقاء للمستجيب لإشارات التغيير، هنا سيكون اهم تحدي يواجه الجامعة هو المواكبة والتأقلم مع هذا التغيير، لابل ريادته وصناعته ، في ظل التصنيف المتقدم بين الجامعات العالمية الذي حصلت عليه الجامعة مؤخرا.
_ ما زال مفهوم المنهج بالتعليم المدرسي والجامعي يقتصر وبدرجة كبيرة على الكتاب، وبالتالي إقتصاره على كمية كبيرة من المعلومات دون أفق تطبيقي لها.
_ التعليم الالكتروني اصبح حقيقة واقعة وفي تعاظم مستمر ولا يمكن تجاهله ، وليأتي ٱكله يجب السيطرة عليه وتطويعه في اذهان مستخدميه وتوجيهه نحو المصلحة التعليمية في المقام الاول.
_ الاهتمام بنوعية الخريجين وليس كميتهم وذلك بتنمية فكر وسلوك البحث العلمي الممنهج لجميع اركان المعادلة التعليمية، الطلاب والكوادر الاكاديمية والادارية.
وفي الختام لا نقول لجامعتنا الحبيبة الا، سيري فعين الله ثم عين القيادة والوطن ترعاكِ.