لا اتفق مع القول إن حكومة الدكتور جعفر حسان هي امتداد لحكومة الدكتور بشر الخصاونة لمجرد ان الرئيس حسان احتفظ بعدد لا بأس به من الحكومة السابقة.
صحيح ان الحكومات الاردنية هي مكملة لبعضها البعض على قاعدة تراكم الانجاز لكن هناك مساحة كبيرة لتغيير جوهري في نهج الادارة وفي السياسات.
في الملفات الاساسية ستستكمل الحكومة الجديدة العمل في خطة التحديث كما تعهدت في ردها على كتاب التكليف السامي لكن من المتوقع ان تجري مراجعة تنطوي على تعديلات في ضوء المتغيرات وهي بلا شك جوهرية.
ليس من المتوقع ان يكون هناك تغيير جوهري في السياسة المالية لكن هناك ايضا مساحة لا بأس بها للذهاب نحو المرونة فالاتفاق مع صندوق النقد على برنامج محدد لا يعني انه سيشكل قيودا على بعض الاجراءات ما دام بالامكان تحقيق الاستقرار المالي، فالوسائل كثيرة ومتعددة مع ان الهدف ثابت.
لا شك ان الرئيس سيمضي وقتا يختبر فيه وزراءه قبل ان تسمح الفرصة لاجراء تعديل على الحكومة، ومن الواضح ان المعايير التي وضعها محددة واظنه ألمح الى ذلك في مداخلاته خلال ورشة العمل التي عقدها واستطيع ان اقول ان كل المسؤولين في الصف الاول هم في مرحلة اختبار.
الشارع السياسي والإعلامي يعرف الحكومة جيداً، وهو يتوقع منها الكثير وهو لن يعطيها شهر عسل متعارفاً عليه بـ١٠٠ يوم واظن ان الرئيس نفسه لا يرغب بذلك وحركته الأولى في العمل الميداني اعطت اشارات على ذلك.
أمام الحكومة قضايا أساسية عديدة، اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية وقد منحت حرية التصرف تجاه تلك القضايا، رغم أنها محاطة بمحددات عديدة عليها أن تتعامل معها بإيجابية.
لا اظن ان الحكومة مضطرة لأن تتعامل مع المحددات ولكن عليها ان تحدد نظام الأولويات الذي ستأخذ به والجدول الزمني الذي ستضعه نصب أعينها.
أمام الحكومة مهمات تحتاج للمال وهو غير متوافر، فالموازنة العامة تشكو من عجز، والمديونية تتصاعد بدون توقف، وسترتفع هذه السنة بمقدار ملياري دينار، والنمو الاقتصادي عند مستوى متدن قاصر عن مواكبة النمو السكاني، والبطالة مرتفعة لدرجة خطرة، واللجوء السوري يشكل عبئاً لا يطاق، وهناك استقطاب قوي في الاتجاهات السياسية، وبخاصة تجاه ما يجري في فلسطين ولبنان وما لذلك من تأثير واضح على الاقتصاد وعلامات وتداعيات ذلك ستظهر في الموازنة المقبلة.
رئيس الحكومة لم يَعد بصنع المعجزات إلا أنه يعد بالعمل والاجتهاد والمتابعة، ويتوقع الدعم.
رد الرئيس على كتاب التكليف السامي كان واقعيا وقد اخذ المحددات والتحديات قبل الوعود ويعتبر بمثابة بيان وزاري سيقدم إلى مجلس النواب لطلب الثقة على أساسه، وبذلك يكون بيان الرئيس بمثابة قبول بالمهمات الصعبة وتعهد بالعمل على تحويلها إلى واقع.
هناك من يعتبر ثقة مجلس النواب بحكومة حسان الجديدة تحصيل حاصل، لكن هذه الثقة هي تحد اضافي وفي البرلمان الجديد معارضة، والحكومة سترغب بهذه المعارضة وستحتاجها. التحديات معروفة لكن الحلول والبرامج فيها مساحات كبيرة.
كل رئيس وكل حكومة يرغب وترغب في ترك بصمة واظن ان هذه الحكومة قادرة على ذلك ان استغلت المساحة التي منحت لها في كتاب التكليف السامي.
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي