تجاوز العدوان الاسرائيلي غلى لبنان قواعد الاشتباك ،وكل المحرمات القانونية والاخلاقية والانسانية ،ويمارس الاحتلال حرب ابادة في جميع الاتجاهات كما يفعل في قطاع غزة ، وهدفه واضح يعلنه يوميا ولا يخفيه، وهو القضاء على المقاومة في لبنان وفلسطين، ويضرب دون هوادة ، بدء من اغتيال القيادات وتدمير البنى التحتية العسكرية والمدنية ،وابادة المدنيين والعسكريين ، ولسنا بعيدين عن اغتيال العاروري والرئيس الايراني ووزير خارجيته والقائد العسكري لحزب الله وقيادات فرقة الرضوان والقيادة المركزية للحزب ،وعملية تفجير الاجهزة الخليوية والاتصال، وعدد كبير من القادة الميدانيين في صفوف المقاومة اللبنانية والفلسطينية في لبنان.
ندرك ان كل تكنلوجيا العالم مسخرة لخدمة ومساعدة الاحتلال الاسرائيلي، لكن هذا لا يبرر الاختراقات الامنية الداخلية لحزب الله ،التي سهلت نجاح الضربات الاسرائيلية ضد قيادات الحزب ومنشآته العسكرية والمدنية والادارية ، وعدم القدرة على محاصرة بؤر التجسس والخيانة ، واجتثاثها بسرعة، رغم توالي وتتابع عمليات الاغتيال الصعبة جدا ،ضد الصفوف الاولى في الحزب، والامر المريب ضغف الرد على جرائم الاحتلال ،حتى اصبح الناس يتساءلون عن قوة الحزب الصاروخية التي كانت تشكل رعبا ورادعا للاحتلال ،اين الصواريخ الدقيقة والثقيلة ،التي كان العدو يتوقع ان يطلق الحزب منها في حالة الحرب ثلاثة آلاف صاروخ يوميا ،واين الاسناد الصاروخي من اليمن والعراق والجولان ،والانتقال من حالة الاشتباك الى حالة الحرب المفتوحة على الاحتلال بعد ان ارتكب كل هذه الجرائم في لبنان.
يجب ان يعلم الجميع ان لاحلول سياسية مع اسرائيل وامريكا ،وانهم يطالبون المقاومة في فلسطين ولبنان بتنفيذ شروط ومطالب الاحتلال ،وان امريكا اخطر بكثير من الكيان ،وكلما قامت الادارة الامريكية بعملية الترويج والتضليل لامكانية التوصل الى حلول وتهدئة وهدن لبث حالة من الاطمئنان، واخذت توجه الانتقادات لنتنياهو، علينا ان نعرف ان امريكا واسرائيل تخططان لضربة قوية مفاجئة ضد المقاومة ،سواء في فلسطين او لبنان ،انهما يتلاعبان بعقول وعواطف العرب وينفذان مخططاتهما الاجرامية ،وقد لاحظ كل متابع لخطاب نتنياهو امام الجمعية العامة الخريطة الجديدة للشرق الاوسط الذي يريد ،التي كرر عرضها في مقر الامم المتحدة في نيويورك ،وهذه الخريطة لا تفارقه.
الكيان كان على حافة الانهيار من الداخل،وما يزال يواجه ازمات داخلية عميقة ،تهدد تماسكه ونسيجه الاجتماعي وثبات المستوطنين المهاجرين في فلسطين المحتلة،لكن الضربات التي وجهها جيش الاحتلال للضاحية الجنوبية في بيروت ،رفعت اسهم نتنياهو وحكومته الفاشية المتطرفة ،ورفعت معنويات جيش الاحتلال المنهارة والمهزوم في قطاع غزة.
جبهات محور المقاومة مستهدفة من قبل امريكا واسرائيل،اللتان تعملان على تفكيكها وتحييد كل جبهة على حدة ،لاضعافها والانقضاض عليها واحدة تلو الاخرى،والمطلوب توحدها وتماسكها وترابطها بقوة ،ولأن حزب الله يشكل محورا مركزيا لها ،يجب ان يتنبه الحزب الى وضعه الامني الداخلي ،ويعمل بنشاط وجهد مكثف،لتنظيف صفوفه الاولى من الجواسيس والخونة ،لان ما يحصل داخل الحزب يفرض عدة احتمالات،الاول والاقوى وجود شبكات تجسس في الصفوف الاولى والثانية بين قيادت الحزب،تزود اسرائيل بالمعلومات الدقيقة والسريعة ،عن تحركات واماكن ومواعيد لقاءات واجتماعات هذه القيادات بدقة متناهية ، والاحتمال الثاني وجود عصيان داخلي بين قيادات الحزب العسكرية الميدانية، ويعزز هذا الاحتمال ضعف الرد الصاروخي على جرائم الاحتلال ،والاحتمال الثالث وهو الاصعب والاخطر ،وهو وجود انقلاب داخلي صامت في الحزب ضد نهج وتوجهات قيادة الحزب العسكرية والسياسية ،وضد قيادة حسن نصرالله وفريقه وتياره ،تقوده قيادات مؤثرة لا تتفق مع النفوذ الايراني في حزب الله،لكن كل هذا يندرج في اطار الفرضيات والاحتمالات ،وتبقى شبكات التجسس التي تعمل لصالح العدو الاكثر ترجيحا في التسبب بنجاح عمليات الاغتيال لقادة حزب الله.
ان اضعاف المقاومة في لبنان ينعكس بشكل مباشر على قوة وصمود المقاومة في قطاع غزة ،وعلى وحدة الساحات لجبهات محور المقاومة.