مدة بقاء البرلمان مرتبط بالعلاقة بين الدولة والإخوان
د.محمود عواد الدباس
28-09-2024 11:19 AM
الخطاب السياسي الإخواني من واجهة نواب حزب جبهة العمل الإسلامي هو خطاب حاد جدا و هو في حالة تصعيد متتالي من زاوية دينية وأخرى سياسية، هذه هي الملاحظة التي يمكن الخروج بها منذ الحادي عشر من أيلول الحالي أي منذ اليوم لظهور نتائج انتخابات مجلس النواب العشرون.
لعل أعلى درجة تصعيدية في الخطاب الإخواني جاءت من ثابت عساف الناطق الرسمي باسم حزب جبهة العمل الإسلامي والتي تمثلت بقوله (أنه كان يجب استشارة مجلس النواب بمن يكون رئيس الوزراء المكلف) .وما يعنيه ذلك من عودة إلى خطاب الإخوان ايام الحراك الشعبي في المدة الزمنية( ٢٠١١الى ٢٠١٤ م). تبع ذلك نقد تشكيلة الحكومة من حيث أنها ليست في الاتجاه المطلوب . في الجانب الثاني صعد الإخوان في خطابهم الديني. وتحت هذا الباب تم انتقاد اللوحات الإعلانية التي تخدش الحياء العام في العقبة من قبل النائب حسن الرياطي كما تم وصف مهرجان جرش بأنه سكر و شرب من قبل النائب ينال فريحال كما تم تحريك حملة قوية في موضوع المناهج الدراسية من حيث تقليل الجانب الديني وزيادة الفني وبرزت هنا النائب هدى العتوم، كل ما ذكر سابقا يعطي انطباعا أن الأخوان في حالة تشدد متقدم في خطابهم سياسيا و دينيا. في مواقف أقل حدة سياسية كان التذكير بواقع إقصاء نواب جبهة العمل الإسلامي في البرلمان السابق وخاصة في اللجنة القانونية .على الجانب الآخر وفي مواقف أكثر قربا من مواقف الدولة أو التي تصب في خدمتها نجد حالة التأييد لخطاب الملك عبدالله الثاني في هيئة الأمم المتحدة خاصة بما يتعلق برفض الوطن البديل و تهجير الفلسطينيين . تبع ذلك موقف آخر وهو مقاطعة حفل السفارة البريطانية من زاوية انحياز بريطانيا إلى إسرائيل . وهذا موقف يخدم الدولة من زاوية إبراز حجم الرفض من القوى السياسية داخل الأردن لواقع الانحياز الدولي إلى إسرائيل وهو ذات الموقف الذي يؤكد عليه الملك في خطاباته.
لعل التأخير بافتتاح الدورة البرلمانية العادية لمجلس النواب إلى ما بين منتصف تشرين الثاني إلى الأول من كانون الأول من هذا العام حسب التوقعات مفيد من كل الجوانب،
اولا من حيث انتهاء المحاكم من البت في الطعون في نتائج الانتخابات النيابية، ثانيا من ناحية خفض درجة حرارة النواب المتحمسون للدخول في جلسات صاخبة جدا مع الحكومة، ثالثا وهو الأهم فهو انتظار نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي ستجرى في الخامس من شهر تشرين الثاني من هذا العام، وبها يكتمل المشهد الدولي وانعكاساته المتوقعة على الأردن بحسب الحزب الفائز. وقتها ستحدد الأدوار داخليا لجميع القوى السياسية داخل الأردن . ومنها بكل تأكيد دور الإخوان من حيث السماح لهم بمزيد من التمدد كقوة رافضة لأي ضغوطات على الاردن تخص القضية الفلسطينية خاصة اذا نجح ترامب و عودته إلى صفقة القرن من جديد . أو البدء بتحجيمهم في حال كان الأخطار الخارجية قيد الاستيعاب و التكيف معها . مع قناعتي و بما يخص الإخوان المسلمين أنهم يريدون اولا تسديد كافة حساباتهم السياسية نتيجة تجاههم في السنوات الماضية . وقناعتي أيضا أنهم غير حريصين نهائيا على بقاء مجلس النواب فهم جاهزون لقرار حل مجلس النواب في أي لحظة. بالطبع سيحدث هذا في حال أن الدولة باتت غير قادر على الاستمرار في نهج الاستيعاب السياسي لهم نتيجة نهجهم التصعيدي الذي لن يتراجعون عنه .
في التوقعات المستقبلية خلال الشهور الثلاثة إلى الستة الأولى من تاريخ افتتاح الدورة الاولى لمجلس النواب فإننا سنرى في كافة الجلسات النيابية سنرى قوة الخطاب الإخواني في مواجهة الخطاب الحكومي . وبكل تأكيد فإن القواعد الشعبية التي صوتت لهم ستصفق لهم يضاف لهم الآلاف من الأنصار الجدد. . مع ذلك لا شك في أن الحكومة ستحصل على الثقة لأسباب سياسية عليا ويتوقع أنها ستكون من( 70 إلى 80 صوت).والحال ذاته سيكون في المصادقة على الموازنة لكن بأرقام أقل قليلا من أرقام الثقة . بعد ذلك سيكون الذهاب باتجاه التعديل الوزاري الأول لإعادة التوازن من جديد. أو البدء في التفكير الجدي بحل البرلمان والذهاب باتجاه انتخابات جديدة إذا وصل التصعيد السياسي من نواب جبهة العمل الإسلامي إلى مرحلة ما لا يمكن قبوله ؟. ولم يكن هنالك ضغوطات ضخمة على الأردن بما يخص القضية الفلسطينية .
ختاما فإن الأبعاد الداخلية و الخارجية هي من تتحكم في علاقة الإخوان مع الدولة . الأبعاد الداخلية تتعلق بالهوية الدينية كما تتعلق بالحريات السياسية العامة وفي هذين البعدين فإن الخطاب الإخواني حاد جدا كما أن المسافة ما بين الدولة و الاخوان واسعة جدا . أما الأبعاد الخارجية فتخص تصفية القضية الفلسطينية. وهذه قد تكون المسافة بين الطرفين قليلة أو كبيرة حسب درجة الخطر الخارجي . في النتيجة فإن المسافة ما بين الدولة والإخوان في الأبعاد الداخلية و الخارجية هي من تحدد مدة بقاء مجلس النواب الحالي من حيث اكمال دورته أو حله مع إجراء انتخابات نيابية مبكرة ؟.