بين ليالي سبتمبر المتقلبة، وما تحمله من ازدواجية المزاج، ليالي باردة وصباحا ساخنا،أصبح يدفعنا ثمن ما شعرنا به ليلا، صباحاً أشبه بحياتنا تماما، كم حقا تلك الأيام تشبه أيامنا الذي نعيشها الآن، أيام مخلوطة بين الليونة والتعسر، هذه نحن، ها نحن اليوم أصبحنا نرى كل شيء دون أن نبحث عن ذلك المجهر، أصبحنا نرى الواقع الذي أدركه الجميع، والواقع الذي أصبح عائق يعانق أرواحنا جميعاً.

أحقا أصبحت أيامنا تشبه أيام سبتمبر المزاجية المتقلبة، هل سيتخلى سبتمبر عن دفئه لتنعمنا بأيام باردة كما نريد من الحياة أن تنعمنا، لا شك أن الحياة أصبحت تأخذ من تلك الفصول الحكمة والعبرة، أصبحت تعاملنا كما يعاملنا سبتمبر، أصبحت تعاملنا بكل معاني القسوة مستبعدة من قلبها الشفقة والرحمة، كم يؤلمني حقا أن أرى الكل يشكو الصعوبة الحاصلة، باحثين عن العيش الرغيد، باحثين عن حياة خالية من المشكلات، خالية من أقل المصاعب، إلا أن كل ذلك واقع من حياة الأحلام التي اجمعنا جميعاً على منحها لأنفسنا بعد أن وصل بنا الحال إلى هذا الحال.

اليوم أصبح الشباب عددا ورقما لتحقيق نصرة العشائر فقط، أصبحنا نرى بين الحين والآخر مصطلح كبار البلد الذي يتغنون به، جعلوا منها رسالة خاصة لهما، سالبي حق أبناء أجهزتنا العسكرية من تلك الكلمات التي قدمت لهم مكافئه على ما قدموه لهذه الوطن، عايشين أوهام أن الكلمات تستطيع أن تقيهم من واقع الحياة المتعب، آملين أن الكلمات ستجعل منهم أشخاصاً قادرين على إعانة أنفسهم، إلا أنها كلمات وجدت أن تكون حافزا لمن قدموا للوطن أرواحهم، وسهروا على أمنه واستقراره، لا لمن يبحث عن تحقيق آماله.

الأوهام أصبحت الطريق السهل الذي يتبعه الكثير من هم داخل المجتمع، أصبحت الطريق السهل الذي يستطيع من خلاله أن يزرع الغيرة داخل قلوب أبناء جلدته أن اسم العشيرة أهم، وأنه يجب أن يكون للعشيرة الممثل داخل تلك المؤسسات، هل أصبحت المحافظات حكر للبعض، وأصبحت حياتنا مربوطة باسم العشيرة، لا أنكر أن العشائر فخر للجميع، ونحن نعلم أن العشائر هي الأساس الحقيقي لترسيخ الدولة، لا عشيرة أو عائلة تُعَلَّى على غيرها، والمحافظات لم تكن يوما حكر لأحد، لكن دوما أبحث عن الأفعال ليس الأقوال، الأقوال من السهل أن تضعك على الطريق الذي تريده لكن حينها ستصبح تنتظر الأفعال الحقيقة أن تأتي.

اليوم نحن ليس بحاجة أن نعيش داخل أوهام جديدة أخرى، عشنا بما فيه الكفاية، اليوم الكل يرى، وكل العائلات لديها عدد ما يكفيها من العاطلين عن العمل، أصبح فائض العاطلين عن العمل يضاهي ميزانية دولة بأكملها، أصبح الحال يصعب تفسيره، ونحن ما زلنا نبحث عن الأقوال لا الأفعال، جميعنا رأينا الزيارة الأولى لرئيس الوزراء المكلف الدكتور جعفر حسان لمناطق الأغوار الجنوبية، بعد تشكيل حكومته الجديدة، كم من شخص تفاءل من تلك الزيارة التي استطاعت أن تعيد القليل من الطمأنينة لأبناء الشعب، الذي أعتاد دوما سماع الوعود الوردية التي كانت تذهب بعد قولها.

زيارة كانت قادرة أن تعيد القليل من الثقة، وكانت قادرة أن تثبت لنا أننا أمام مرحلة حقيقية من الإنجاز، وأننا أمام طريق منفذ لمطالب ورؤى جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين الساعية لتحقيق أعلى مقاييس الخدمة المقدمة للمواطنين على أرض المملكة.

حفظ الله الأردن. ودام شامخا بالعز والخير والسلام..