facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




خطاب ملكي شامل وحيوي


د. حمزة الخدام البلاونة
26-09-2024 06:25 PM

نستطيع القول أن الجدية والجرأة في الطرح قد شكلت عنوان الخطاب الملكي السامي الذي وجهه صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين ، مساء الثلاثاء (24/9/2024)، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها التاسعة والسبعين بنيويورك.

إن المتتبع لخطاب جلالته يجد أنه يتسم بالشمولية والموضوعية من خلال الأفكار والرسائل التي وجهها جلالته للعالم أجمع حيث كانت مفاهيم الأمن العالمي والسلام العادل حاضرة بقوة في الخطاب الملكي وهي مفاهيم تشكل ركيزة أساسية في عمل المؤسسات والمنظمات الدولية.

لقد أكد جلالته على ضرورة أن تتحمل المجتمعات الدولية المسؤوليات المناطة بها عن طريق تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة والابتعاد كل البعد عن مبدأ الانتقائية الذي أحدث خلل في منظومة عمل المنظمات والمؤسسات الدولية التي أصبحت اليوم تنحاز لطرف على حساب طرف آخر.

مرة أخرى برهن جلالته للعالم أجمع من خلال هذا الخطاب بأن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية وهي مفتاح السلام والأمن والاستقرار في المنطقة وأن الفلسطينيين أصحاب قضية عادلة ويجب تلبية حقوقهم المشروعة جاء ذلك عبر خمسة عشر دقيقة كانت كفيلة بإيصال أفكار قوية للعالم، فكان خطاب ملكي مهم نظرا للجدية والجرأة في الطرح وخاصة فيما يتعلق بمسألة الوطن البديل حيث أكد جلالته بصورة جلية وواضحة للعيان الرفض التام لفكرة الوطن البديل جملة وتفصيلا .

أشار جلالته إلى أن خطورة الفترة التي يعيشها العالم اليوم من اضطرابات وأزمات نتيجة لما تشهده المنطقة من أحداث دموية الأمر الذي أثر على قدرة الأمم المتحدة وعجزها في التعاطي مع الأحداث الدموية التي تعيشها فلسطين وتحديدا قطاع غزة وهذه بمثابة رسالة قوية للعالم بأن دور الأمم المتحدة اليوم بات عاجزاً عن حماية المدنيين والأبرياء في غزة من( أطفال ونساء وكبار سن وطواقم طبية وصحفيين وغيرهم) وعدم قدرتها أيضا على توفير الغذاء والحماية اللازمة لعاملي الإغاثة الذين يحملون شعار الأمم المتحدة ( وكأن جلالته يذكر بضرورة إعادة تفعيل دور الأمم المتحدة الذي أصبح دورا هشا) وفي هذا السياق طلب جلالته من الحضور داخل قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة أن يتسائلوا كيف يمكن ان نكون أمم متحدة ؟ وما زال هناك تفرقة في الحقوق والقيم والكرامة بين البشر.

أبرق جلالته للعالم بأن هناك واقع أليم تكشف عنه أزمة الثقة التي أصابت القيم والمبادئ الرئيسية للأمم المتحدة مما يجعلها تسير نحو الهاوية والأنهيار لا سيما أنها تتعامل مع القضايا الدولية بشكل انتقائي وتكيل بمكالين فيما يخص حقوق الإنسان والعدالة حيث باتت الأمم المتحدة تتعامل وفق معايير دولية انتقائية (غير مطبقة على الجميع) وبالتالي هناك انتقائية وتحيز لطرف على حساب طرف آخر وهو أمر غير مقبول في القوانين والأعراف الدولية.

بجرأة كبيرة أبدع جلالته في وصف الحرب الإسرائلية على غزة واصفا أياها بأنها فاقة في غطرستها كل الحروب التي حدثت في التاريخ الحديث مؤكدا على ان الحرب الإسرائيلية على غزة كانت أحد أسرع معدلات الوفيات والمجاعة والإعاقات والدمار فهي حرب قتلت الأطفال والصحفيين وعمال الإغاثة والطواقم الطبية وأنها بذلك تجاوزت أكثر من أي حرب حدثت في التاريخ الحديث حيث تم قتل أكثر من 42 ألف فلسطيني في غزة.

لم يغفل جلالته عن غطرست الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر مستشهدا جلالته بلغة الأرقام والإحصاءات حيث أشار جلالته بأن إسرائيل قد قتلت أكثر من (700) فلسطيني من بينهم (160) طفل و أعتقال أكثر من (10700) فلسطيني من بينهم (400) إمراة و (730) طفل بالإضافة إلى تهجير أكثر من (4000) فلسطيني من بيوتهم وأراضيهم فضلا عن ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية من تشجيع المستوطنين الإسرائليين على ممارسة الانتهاكات للمسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية وفي هذا إشارة واضحة للعالم بأن إسرائيل كيان متغطرس ولا يراعي أخلاقيات الحرب التي تمنع قتل الأطفال والمدنيين الأبرياء أو اعتقالهم او تهجيرهم.

يؤكد جلالته بان الحرب الإسرائيلية على غزة لا يمكن تبريرها بأي شكل من الأشكال وأنه في ظل غياب المُساءلة الدولية ستستمر إسرائيل بأفعالها دون حساب من المجتمع الدولي متسائلا جلالته (هل هذا ما نريده كأمم متحدة) ؟ وفي هذا السياق أيضاً شدد جلالته على ضرورة أن يكون هناك موقف أخلاقي دولي يدفع باتجاه وقف الحرب على غزة وضرورة إيصال المساعدات الغذائية والطبية والإغاثية إلى قطاع غزة وبشكل دائم دون توقف بالإضافة إلى ذلك حذّر جلالته من خطورة الإجراءات الإسرائيلية التي تسعى إلى الدفع بموجة لجوء جديدة، مشددا على أنه لن يتم السماح بالتهجير القسري للفلسطينيين عن أراضيهم لأنها تنذر بآثار كارثية على دول المنطقة برمتها بل اعتبر جلالته أن التخطيط لذلك يرقى إلى مستوى جريمة حرب وفقا للقاتون الدولي وأعتبر ان مسألة الوطن البديل خط احمر لا يجب السماح لأي كان أن يتخطى هذا الحد.
حذّر جلالته من خطورة اتساع رقعة الحرب لتشمل لبنان وتؤثر على المنطقة برمتها مؤكدا على أن خيار إسرائيل كان دوما هو المواجهة والحرب، وليس السلام حيث عملت دول عربية على مد يد السلام لإسرائيل لسنوات طويلة إلا أنها تختار المواجهة في كل مرة محملا في الوقت ذاته المجتمع الدولي المسؤولية عن ذلك لمنحه إسرائيل الحصانة التي تزداد مع الوقت في ظل غياب السلام.

يؤشر جلالته على أن حصانة إسرائيل اليوم مهددة في ظل غطرستها وهمجيتها في القتل والدمار وقد خسرت اسرائيل فعليا جزء مهم من التأييد الذي كانت تحصل عليه في السابق بسبب وحشية الحرب على غزة فهناك قرارات من المحكمة الدولية بإدانة إسرائيل في ارتكاب الإبادة الجماعية وهناك مظاهرات واحتجاجات كبيرة وحاشدة في كل مدن العالم رافضة لآلة الحرب الإسرائيلية على غزة فضلا عن تزايد الإحباط الدولي من إسرائيل وهمجيتها وبالتالي على إسرائيل ان تختار العيش بسلام وفقا لقيم الحرية والعدالة والمساواة او المخاطرة بمزيد من العزلة والرفض.

في رسالة واضحة حث جلالته الأمم المتحدة على تبني خيار السلام العادل والتذكير بمراقبة شعوب العالم لجهود الامم المتحدة وان التاريخ سيشهد على ذلك فالخيار إما التقاعس أو العمل على تفعيل قيم العدل والمساواة التي تستند عليها مبادئ الأمم المتحدة (وخاصة مبدأ الاضطلاع بالمسؤوليات) فالكثير يتسائل عن موقف الأمم المتحدة وهناك آباء وامهات تشاهد قتل أبنائها وأطباء يشاهدون مرضاهم وهم يموتون في ظل غياب الإمدادات الطبية.

دعا جلالته جميع دول العالم للوقوف إلى جانب الأردن في فرض بوابة دولية تعمل على تقديم المساعدات والإغاثات والخدمات الطبية لإيصال الماء والغذاء والدواء لمن هم في أمس الحاجة إليها فالمسألة إنسانية بحتة في ظل تعنت الحكومة الإسرائيلية.

الراحل العظيم الملك المغفور له بإذن الله الحسين بن طلال كان حاضرا في وجدان الملك عبدالله فقد ذّكر العالم أجمع بأن الملك الحسين رحمه الله قاتل لآخر رمق من أجل السلام وأن جلالته يسير على ذات النهج فلا عيش إلا بسلام عادل.

وفي الختام حفظ الله الوطن وقائد الوطن مليكنا المفدى وسمو ولي العهد الأمير الحسين وحمى الله الجيش وأجهزتنا الامنية التي ستبقى درع الوطن وسياجه المتين.
الأستاذ الدكتور






  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :