يا أهل غزة لا تصدقونا كعرب.. فنحن نتألم لأجلكم من غرف النوم وعلى طاولات السفرة متنوعة الطعام والشراب وفي المقاهي ندخن النرجيلة.. نخرج نبكي جرحكم وشهدائكم على الفضائيات ووسائل التواصل .. ونحن نرتدي أغلى وأجمل الملابس والنساء في قمة الأناقة والمكياج الطاغي والإكسسوارات المتعددة.. نهتف لكم في ملاعب كرة القدم ونتغنى بحبكم في مسيرات محددة التوقيت ولها نقطة بداية ونهاية ونشترط أن يكون الجو مناسب.

يا أهل غزة لا تصدقونا.. فنحن نبكي بحرقة إن مات لدينا طفل أو شيخ .. ونلبس الأسود طوال الحياة إن فقدنا شاب.. نحن نبكي إن جُرحت يدنا وإن أمطرت علينا السماء بخيرها..نتألم بحسرة إن مرضنا ودخلنا المستشفى الذي تفتقدوه.. ونغضب إذا تغيب أبنائنا عن المدراس تلك التي تحولت في غزة لملاجىء تحتمون بها ويقصفها الاحتلال ويدمرها فوقكم..

يا أهل غزة لا تصدقونا فنحن نكذب باحتراف.. نطلب منكم الصبر الذي لا نملكه على فقدكم عائلات بأكملها .. ونطلب منكم تجاوز فقدكم أطفال ينافسون يوسف عليه السلام في الجمال وعلى شباب في قمة عنفوان الحياة، ونحن نرتج ونهتز إن مرض لنا عزيز أو إن كُسرت نافذة منزلنا .. ونطلب منكم الصبر على تفجير بيوتكم وعلى تدمير شوارعكم وعلى فقدانكم الأمان.. فلا تصدقوا كلمة مما نقول لأننا لا نملك القدرة على صبركم ولا جزء من شجاعتكم فنحن أقل شئناً مما تتوقعون.

يا أهل غزة لا تصدقونا فنحن كاذبون حتى النخاع.. وينطبق علينا المثل القائل :"إلا بيوكل العصي مش مثل اللي بعدها"..لذا ضعوا كلامنا وراء ظهوركم وابكوا فأنتم بشر تشعرون بحرقة فقدان عزيز.. واشعروا بالألم فانتم خير ثمار الإنسانية..وتألموا فالألم إحساس من به روح وحياة.. واحلموا بمستقبل أفضل فالحلم طريق الأمل.. وفي جميع الأحوال لا تصدقونا فنحن كاذبون باحتراف.

آخر الكلام:

يبقى الشهيد ماهر الجازي حالة مختلفة حين سحب سلاحه وأردى عدد من جنود الاحتلال قتلى وهو مدرك تماماً أن الاسرائيليين سيقتلوه ، ليرتقي شهيداً يعانق في عنان السماء من سبقوه من أهل غزة.