أثر المقارنات على العلاقات الزوجية: قراءة بنظرية المقارنة الاجتماعية
د. أحلام ناصر
26-09-2024 12:49 PM
في زمن التطور التكنولوجي وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح من السهل إجراء المقارنات في مختلف جوانب الحياة، ومنها العلاقات الزوجية. فغالبًا ما نجد أنفسنا نقارن حياتنا الشخصية بعلاقات الآخرين، سواء كانت لأشخاص نعرفهم أو تلك التي نراها على منصات التواصل. وقد أثر هذا النوع من المقارنات بشكل كبير على السعادة الزوجية واستقرار الاسرة، وزاد من تتعرضها للتوتر والضغط. نستعرض في هذا المقال كيف تؤثر هذه المقارنات على العلاقات الزوجية، مستندين إلى نظرية المقارنة الاجتماعية.
المقارنة الاجتماعية وتأثيرها على الأزواج
تعود نظرية المقارنة الاجتماعية إلى عالم النفس الاجتماعي ليون فيستنجر، حيث اقترح أن الأفراد يميلون إلى تقييم أنفسهم من خلال مقارنة أنفسهم بالآخرين. يمكن أن يكون لهذه المقارنات تأثير إيجابي في بعض الأحيان، حيث تشجع على التحسين والتطور. ولكن عندما يتعلق الأمر بالعلاقات الزوجية، يمكن أن يكون لهذه المقارنات تأثير سلبي، حيث تولد مشاعر الحسد والغيرة وعدم الرضا.
التأثير السلبي للمقارنات على العلاقات الزوجية
1. توقعات غير واقعية: عند مشاهدة الأزواج لصور ومقاطع فيديو تُبرز لحظات مثالية من حياة الآخرين على وسائل التواصل الاجتماعي او في الافلام والمسلسلات ومن خلال العلاقة الاجتماعية المباشرة مثل الاصدقاء والاقارب، قد يبدأون في تكوين توقعات غير واقعية بشأن علاقتهم. يشعرون بأن حياتهم يجب أن تكون خالية من المشكلات، مثلما تظهر في تلك المنشورات. ولكن في الحقيقة، العلاقات الزوجية تمر بتحديات وصعوبات. فالصورة النمطية التي يقدمها الإعلام على اختلاف صوره ليست كاملة، إذ تبقى هناك جوانب مخفية في حياة الأسر لا تظهر للعامة.
2. عدم الرضا: يؤدي التركيز على نقاط القوة في علاقات الآخرين ونقاط الضعف في العلاقة الشخصية إلى زيادة مشاعر عدم الرضا. يبدأ الشريك في مقارنة حياته الزوجية بما يراه في حياة الآخرين، مما يجعله يشعر أن علاقته أقل قيمة أو سعادة.
3. التوتر والخلافات: المقارنات المستمرة تخلق توترًا في العلاقة، حيث يشعر أحد الطرفين أو كلاهما أنه غير مقدر أو غير كافٍ. قد تؤدي هذه المقارنات إلى خلافات مستمرة حول قضايا مثل المال، المظهر، والاهتمام، مما يضعف الروابط بين الزوجين.
4. انخفاض تقدير الذات: قد يشعر أحد الزوجين أو كلاهما بأنه أقل من الآخرين، مما يؤثر على تقدير الذات والثقة بالنفس. يمكن أن يؤدي هذا الشعور إلى انعكاسات سلبية على العلاقة، حيث يبدأ أحد الطرفين أو كلاهما في إلقاء اللوم على الشريك أو نفسه بسبب عدم الوصول إلى معايير معينة.
كيف يمكن تجاوز هذه المقارنات؟
1. الوعي والرضى بالشريك الذي تم اختياره: من الضروري أن يدرك الأزواج أن ما يرونه على وسائل التواصل الاجتماعي ليس بالضرورة انعكاسًا دقيقًا للواقع. فغالبًا ما تكون هذه المنشورات موجهة لعرض أفضل اللحظات وتجنب الجوانب السلبية.
2. التركيز على العلاقة الشخصية: يجب على الزوجين التركيز على جوانب العلاقة الخاصة بهما والعمل على تطويرها بناءً على احتياجاتهما الخاصة، وليس بناءً على ما يرونه في علاقات الآخرين.
3. التواصل المفتوح: التحدث بصراحة عن مشاعر عدم الرضا أو القلق الناجم عن المقارنات يمكن أن يساعد في تعزيز الثقة بين الزوجين. فالتواصل المفتوح يسمح بفهم أعمق لمخاوف الشريك والعمل معًا على تجاوزها.
4. الامتنان والتركيز على الإيجابيات: تعزيز شعور الامتنان تجاه الشريك والتركيز على الجوانب الإيجابية في العلاقة يمكن أن يقلل من تأثير المقارنات السلبية.
الخلاصة
المقارنات جزء طبيعي من الطبيعة البشرية، لكنها غالبًا ما تكون غير عادلة في العلاقات الزوجية. يعود ذلك إلى ميل أحد الشريكين للتركيز على الجوانب السلبية لدى شريكه وعلى الإيجابيات لدى الطرف المقارن به. أحيانًا تمتد هذه المقارنات إلى شخصيات مثالية وخيالية، كتلك التصورات التي يحملها البعض عن الزواج قبل خوضه، والتي قد تختلف تمامًا بعد الزواج. إضافة إلى ذلك، فإن المقارنات تستند غالبًا إلى الصور المثالية في المجتمع أو الإعلام، والتي لا تعكس الواقع الكامل للعلاقات. هذا النهج يمكن أن يؤثر سلبًا على استقرار العلاقة والشعور بالرضا والأمان إذا لم يتم التعامل معه بحكمة. وفقًا لنظرية المقارنة الاجتماعية، يميل الأفراد إلى مقارنة أنفسهم بالآخرين، مما قد يضعف سعادتهم. لذا، فإن الوعي بتأثير المقارنات وتعلم كيفية التعامل معها بشكل صحي يُعد أمرًا أساسيًا لتعزيز العلاقة الزوجية وبنائها على أسس قوية من التفاهم والاحترام.