مُرافَعَةُ جَلالَة المَلِك
فهد خشمان الخالدي
26-09-2024 10:18 AM
لستُ أدري كيفَ يُخضِعُ جَلالَةُ المَلِكِ الكَلِمات على شَفتيهِ ..! كلماتٌ تَنسابُ كَماءٍ عَذبٍ في نهرٍ مَنبَعَهُ جَبلٌ عالٍ ..! فلا الهاماتُ تستطيعُ مُطاولة الجبل، ولا الأيادي تستطيعُ تعكيرَ صَفوَ الماءِ ..! بياناتٌ وأرقامٌ وحقائقٌ بيَّنَها جلالةُ الملكِ بشكلٍ قَلَّ نظيرهُ بينَ كُل َمن حاول تبيانَ حَقيقةَ مُعاناةِ إخوتنا على أرضِ فلسطين ..! رايةُ دفاعٍ تكَفَّلَ بها الهاشميون بكُلِ نُبلٍ وشَهامةٍ وكبرياء ..! فحَملها ابا الحسين بكُلِ طهارةٍ وعِفَّةٍ ونَقاء ..!.
خِطابُ جَلالة المَلك في الجمعيةِ العامةِ للأُممِ المُتحدةِ في دورتها التاسعة والسبعين، أشبه ما يكونُ بمُرافَعَةٍ قانونيّةٍ (إن جازَ التعبير) أضاءت الكثيرَ مِن الحَقائقِ التي حاولَ الكثيرونَ غَضَّ النظرِ عنها ..! وسَلَّطَت الضوءَ على عشوائيةِ المَشهدِ الذي حاولَ الكثيرونَ طَمسُه ..! ولا أُذيعُ سِرًا إن قلتُ أنَّها كَشَفت زيفَ العالمِ الذي يدَّعي الحُريةَ والمساواة ..! فلا وجود لحقوقِ إنسانٍ إلا وفقَ مقاييس خاصة، مَقاييسٌ لا تنطبقُ حُكمَاً على مَن سكنَ الأرضَ المباركةَ وما حولها ..!.
لو أنَّ كُل المواقف شابَهت مواقفَ الأردن ومليكه لتَغيرت الكثير مِن الوقائعِ والتوجهات ..! وأنا لا أدَّعي هُنا أننا وصلنا إلى درجةِ الكمال، إلا أننا قمنا بالكثيرِ مِن الأفعالِ التي عجزَ الكثيرونَ عَن الإتيانِ بها رغم ضيقِ الحالِ وشُحِّ الإمكانيات ..! فَكُنَّا كالشريانِ لأهلنا هناك مِن مُنطلقِ الواجبِ لا مِن مُنطلقِ رفعِ العَتب ..! وكُنَّا جنود المواقفِ المشرِّفةِ بالوقتِ الذي لاذَ فيه الكثيرونَ خلفَ الخُطَب ..!.
حَقٌ لنا أن نفخرَ بأبي الحسين، وحَقٌ لنا أن نُباهي الأُمم في عقليةِ وفكرِ جلالته، عقليةٌ تجسَّدَت بانسيابية الفكرةِ والكَلمةِ ..! وحِرفية الحركةِ والمعنى ..! وتبديدٌ للعَشوائيةِ والظُلمة ..! بفكرٍ علا فصارَ الأسمى ..! فَسِرّ يا جلالة الملك ونحنُ نسيرُ على خُطاك، وبوركت يا سيدي وبوركَت على كُل مَنبرٍ يُمناك.