في عصر النهوض الكبير وربيع الشعوب العربية نشهد سقوطا كبيرا في كل مكان..انه سقوط مدو ومؤذ، ليس لصاحبه فحسب، بل للسلطات العربية أولا، وللشعوب ثانيا، وللمثقف والفنان الساقط ثالثا، وليس أخيرا.
سقوط المثقف في الوقت الذي يكون الناس جميعا في حاجة اليه ..الى رأيه الصريح والواضح والصادق ...... اول الناس حاجة الى رأي المثقف والفنان والكاتب هو السلطة ، التي (قد) لا تدرك احيانا مقدار تعسفها ، أو أنها تقلل من حجم ومدى تأثير خطاياها.
يأتي المثقف الساقط ليؤكد للسلطة أن الأمور عال العال ، ويريها الحق باطلا يتوجب الابتعاد عنه، والباطل حق يتوجب اتباعه، والسلطات عادة ما تحب الاستبداد ما دام الشعب لا يواجه (يا فرعون مين فرعنك؟؟)، لأن المثقف الذي يعيش على الموائد لا يتصور ولا يتخيل أن الشعوب تثور ضد اولياء نعمته ، متناسيا دوره ورسالته التاريخية.
المثقف الصامت، دوره ، ايضا، سلبي ، لكنه اقل ضررا من المثقف الكاذب المتمسح بالجوخ، اقل ضررا لأنه يفعل اقل ما يمكن فعله ، وهو الصمت في زمن الظلام المباح.ولا ننسى اننا لا نطالب الجميع بالشجاعة ، فكل واحد له عائلة وطريقة حياه، وكل نظام له طريقة عقاب قد لا يستطيع المثقف تحملها..لذلك فالصمت مقبول اكثر من الإنحياز للسلطات.
لا (أنتوي) أن أذكر أسماء ، لكن جميع الانتفاضات العربية وجدت الكثير من المثقفين الذين وقفوا معها قلبا وقالبا وصاروا جزءا من الجماهير ، لا أمامهم ولا خلفهم، كما وجدت من اندلق في جيب السلطات حتى انهارت ، وها هم يحاولون ترقيع مواقفهم السابقة ، لكن هيهات هيهات. كما وجدت الانتفاضات العربية من صمت فكفانا شره على الأقل.
ghishan@gmail.com
(الدستور)