حفل توقيع المجموعة الشعرية (راعية الغمام) للشاعر الدكتور أنور الشعر
25-09-2024 08:54 PM
عمون - بتنظيم من منتدى البيت العربي الثقافي رعى الوزير الاسبق الأستاذ الدكتور صلاح جرار مساء الإثنين 2024/9/23 حفل إشهار توقيع مجموعة الشاعر الدكتور أنور الشعر الشعرية الجديدة (راعية الغمام) وذلك في دائرة المكتبة الوطنية. وقدّم كل من الدكتور ناصر شبانة والدكتورة جمانة السالم ورقة نقدية حول المجموعة وأدار الحفل الدكتورة سهى مشرقي.
وأشاد راعي الحفل الدكتور صلاح جرار بتجربة الدكتور أنور الشعر الأكاديمية والشعرية والروائية والنقدية. مشيرًا إلى أن الشاعر نوّع في أسلوب قصائده بين قصيدة الشطرين وقصيدة التفعيلة، وأجاد الوصف بصور فنية رفيعة المستوى عبّر بها عما يحدث في غزة وفلسطين من مجازر بشرية وإبادة جماعية، وعبر عن بطولات المقاومة الباسلة التي يواجهها العدو في غزة وجنين وسائر الأراضي المحتلة من فلسطين.
وألقت المهندسة قمر النابسي نائبة رئيس منتدى البيت العربي الثقافي كلمة رحبت فيها بالحضور، وقدمت مباركة للشاعر بمنجزه الإبداعي، مثمنة الدور الثقافي الذي قدمه ويقدمه الدكتور أنور الشعر في مسيرته الأكاديمية والشعرية والروائية والنقدية.
وبدوره قدم الناقد الدكتور ناصر شبانة قراءة نقدية واصفا فيها شخصية الشاعر أنور الشعر، فقال: "أنور الشعر شخصية تتسم بالشغف والدأب، متعدد المواهب، متنوع الاهتمامات، غزير النتاج، وهو على ذلك حميد الخصال، كريم المناقب، ذو أدب جم، وحسن معشر، صفيُّ الوداد، كثيرُ الاعتدال والسماحة، بعيدٌ عن التعصب والتشنج، يتَّسم بحسن الظنّ، ومحبة الكلّ، ذو خطاب وسطي هادئ، ولسانٍ عذب يانع، تشعر بالدفء حين تجلس معه، وبالمودة حين تحدثه، وبالأمان حتى حين تخاصمه"
.وتابع حديثه :لعل كل تلك السماتِ شديدةُ الاتصال بتجربته الشعرية، وتنعكس ملامحها على نصوصه وقصائده، فثمة تصالحية عجيبة في أسلوب كتابته، فهو على سبيل المثال لا يتحيز لشكل ما من أشكال الكتابة الشعرية، ولا يتعصب لطريقة ما، ولا ينكر على سواه ما استكره من طرائق الكتابة، فراح في مجموعته الأخيرة التي نحتفي بها "راعية الغمام" يكتب قصيدة الشطرين وكأنه لا يعرف سواها، لكنه يفاجئنا بعد بضع صفحات بقصائد على نمط التفعيلة، ونلفيه يكتب القصيدة الطويلة والمقطعة القصيرة والرباعيات، كل ذلك دون أن تشعر بالتناقض،
واضاف الدكتور شبانه: الأسلوب واحد، وطريقة التعاطي مع المفردة الشعرية وتقنيات النص واحدة. وعن قصائد هذه المجموعة الشعرية (راعية الغمام). وأشار الناقد للمؤلف: هو هكذا الشاعر أنور الشعر.. يريد للقصيدة في مجموعته الجديدة أن تكون رصاصةً في بيت النار، لا تختلف كثيرًا عن رصاصة المقاوم، فالقصائد عنده أشبه بعبواتِ شُواظ التي تفجر أعتى الدبابات وناقلاتِ الجند، غيرَ عابئ بما قد يقوله النقاد من قول مكرور بشأن المباشرة والخِطابة، وشحوب المجاز، ووضوح الفكرة، فحين تكون فكرةُ الانحياز إلى الحق بوضوح فكرة القتال ضد الباطل يغدو كلام النقاد كثرثرة المعلق الرياضي التي مهما أجادها معتمدًا على قوة صوته، أو براعته في التأثير في الجمهور؛ فإنه لن يتمكن من تغيير النتيجة.
ويرى الناقد شبانة أنّ قصيدة أنور الشعر يختلط فيها العام بالخاص، والأنوثة بالرجولة، ورائحة الياسمين بدخان البنادق، والألمُ الفاجع، بالعشبِ الطالع من شقوق الصخر، في خلطة سرية تجعلها تراوح بين اليأس والأمل، ويبدو عنوان المجموعة "راعية الغمام" وهو يُشهر تاء التأنيث في وجه الخصوم، لتبدو المرأة حاضرة فيه وفي كل القصائد، بوصفها التجليَ الأروع لاستنبات المقاتلين، وتأسيس مدرسة الفداء، وهو ما برعت فيه المرأة الغزية، التي تستمطر السماء الحبلى بالغمام، وكأنها في تناص خفي مع أنشودة السياب المطرية تتلو تراتيلَ صلاة الاستسقاء، لعلَّ المطر ينهمرُ بغزارة، ويمحو آثار القدم الهمجيّة.
كذلك قدمت الناقدة الدكتورة جمانة السالم قراءة موضحة فيها: أن قارئ قصائد (راعية الغمام) لا يملك إلا أن يستشعر أنفاس شعرائنا الأوائل، وهم يتغنّون بانتصارات المسلمين على جيوش المغول، والتّتار، والصليبيّين، يستحضر شاعرنا ألفاظها المعبّرة الجزلة، وصورها الديناميّة الحيّة: لونًا، وصوتًا، وحركة، يُطعّمها من معجمه الشعريّ الغنيّ بلغة العصر وبمصطلحات المرحلة، ويطوّع أبياتها موسيقيًّا بإيقاعات خارجيّة جليّة، أو داخليّة خفيّة، تصنع تشكيلات فنيّة عديدة مدهشة، يحمّلها الشاعر الشَّعر مشاعر جيّاشة، وعواطف دينيّة، ووطنيّة، وقوميّة، وإنسانيّة، يُبرِز كلًّا منها في مكانها الصحيح، وفي سياقها المناسب.
وبينت الناقدة السالم إلى ان من ينعم النظر في قصائد المجموعة يدرك أنّ الشاعر أنور الشعر ما ينفكّ حريصًا كما أسلفت على توظيف مفردات المرحلة وتراكيبها بقدرة إبداعيّة فائقة، يمجّد فيها معجم الطوفان؛ فهنا – مثلًا - قصيدة عنوانها (إنه الصفر) يتغنى فيها بمسافة الصفر التي يضرب الأبطال منها عدوّهم. وفي لوحات (مرايا الطوفان) ومشاهدها يرى كلّ نفسه: العدوّ والصديق، والمنافق والصادق، والخائن والنّزيه، والمتّهم والبريء، والظالم والمظلوم، وكلّ يلقى على لسان شاعرنا ما يستحقه؛ فيَظهر غيظ وحقد، مقابل إعجاب وفخر، وتطفو شماتة وسخرية، مقابل تصبّر وبشارات، وتنكشف مشاعر صدمة بخذلان الأخوة (بنو أبي)، مقابل ثقة بـ (أسمى الرجال). وفي هذه القصيدة نفسها كما في (وقيعة عز) يوثق الشاعر من جديد تاريخ الحدث الذي يشكل بداية ونهاية، ويقسم على ذلك بقوله:
"لعَمري وقيعةُ عزّ أعزّتْ عزيزًا، أذلّت خذولا ذليلا"
أمّا (رباعيات الطوفان) فأكرمْ بها قصيدة هادرة هدير بحور الشعر العربيّ التي جُمعت فيها، ونُظمت عليها لوحاتها العشر بعناوين مختلفة، ومضامين متنوعة! يجمع بينها أنها تصوّر عن كثب تفاصيل المعارك على أبواب الأنفاق، يقودها (أُسْد حفاة) هم جند الله في الحرب، فيناجيه الشاعر أن يحفّهم وينصرهم وهو الرحمن العادل الذي يعبدونه ويخلصون في طاعته.
وفي نهاية الحفل قام راعي الحفل الدكتور صلاح جرار ونائب رئيس المنتدى بتوزيع دروع التكريم على المشاركين في الحفل. وحضر الحفل حشد كبير من الشعراء والأدباء وعشاق الشعر.