قراءة في خطاب الملك .. أثبت عالمنا فشله السياسي
ماهر دودين
25-09-2024 02:01 PM
تحدث الملك في خطابه في الأمم المتحدة بشكل مباشر وحصري فيما يتعلق في القضية الفلسطينية دون الولوج في أي مسائل أخرى سواء أكانت إقليمية أو عالمية، ولربما هذا يضيء صراحةً على أنّ ما تعانيه المنطقة بشكلٍ كامل ناجم عما يحدث في فلسطين بشكلٍ خاص، ولكن الخطاب الذي ألقاه الملك لربما كان خطاباً تحذيرياً عالمياً لما نعيشه اليوم.
تحدث الملك صراحةً في الخطاب أن عالمنا أثبت فشله السياسي، وهنا تقوم مسألة تقويض الدور المنوط في الأمم المتحدة من ناحية حفظ الأمن والسلم الدوليين، وهذا حسب ما ورد في الخطاب هجوم فعلي ومعنوي على دور الأمم المتحدة.
يتحدث المقال في مسألة عدم قدرة العالم على تطبيق مبادئه التي قامت عليها بعد إنشاء الأمم المتحدة ومؤسساتها وأدواتها التابعة لها، اليوم يشير الملك في خطابه في عدة نقاط أننا أقرب لانهيار منظومة القيم التي قامت عليها الأمم المتحدة، من خلال ما ورد في الخطاب بأنه لا عجب أن الثقة بالمبادئ والقيم الأساسية للأمم المتحدة قد بدأت في الانهيار.
وهنا أشير أنَه على الرغم من اشمئزاز الشارع العالمي من ما يحدث ومن ازدواجية المعايير في التعامل من قبل الأمم المتحدة، ونظرنا إلى فشلها في عديد من المسائل التي كانت تقع في عالمنا العربي، إلا أننا بحاجة ماسة للحفاظ على طوق نجاه قيمي، مع اختلافنا بآليات التطبيق والجهة التي تمنح بعض الشعوب امتيازات في حقوق الإنسان على حساب آخرين، ولكننا اليوم علينا أن نؤكد أهمية وضرورة التمسك بمبادئ حقوق الإنسان العالمية والحاجات الأساسية لتطوير أدوات ومؤسسات قادرة على التعاطي مع الأزمات الدولية والحروب من جهة، ومن جهة أخرى وجود مؤسسات عالمية قادرة على فرض حقوق الإنسان دون ازدواجية بين الشعوب.
هنا لا بد من ايضاح أنه لا يمكن إلا الحديث أن الأمم المتحدة كمؤسسة فقدت شرعيتها العالمية في الحفاظ على دورها كناظم ومحرك أساسي داعم لحقوق الإنسان، وأننا نعيش حالة من الفوضى، يمكن لها أن تنشأ مساحة من الفراغ تساهم في هدم البنى الأساسية لقيم حقوق الإنسان بين الشعوب.
فمسألة العرق ولربما الدين أصبح واضحاً التفريق فيه في تطبيق قواعد حقوق الإنسان من خلال الأمم المتحدة وأدواتها سواء مجلس الأمن أو غيره من المنظمات، إذ لا يعقل أن ينظر في عين لما تقوم فيه روسيا اتجاه اوكرانيا على أنها جريمة حرب، وفي العين الأخرى نرى جريمة الحرب الأسرائيلية اتجاه الفلسطينيين مسألة دفاع عن النفس.
ولكن يقتضي التنويه أننا اليوم في عالمنا العربي نتحدث دون وجود مشروع عربي حقيقي يمكن الإنطلاق منه للوقوف والتصدي لأي انتهاك حقيقي لنا، وبالتالي نبقى متشرذمين حول مسألة تصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع في ظل عالم لا يعرف سوى معنى القوة، وهنا ما أشار إليه الملك في خطابه حينما تحدث أن المجتمع الدولي قد اختار الطريق الأسهل واكتفى بقبول الوضع القائم المتمثل في استمرار الاحتلال العسكري الاسرائيلي للفلسطينيين وأن الدعم لحل الدولتين اكتفي بتصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع.
في ختام هذا المقال، أؤكد على أهمية القيم العالمية لحقوق الإنسان كأمر لا رجعة فيه، بغض النظر عن التشوهات التي تصيب التطبيق في المرحلة الحالية، يجب أن نسعى لتأسيس رؤية عربية واضحة تجاه ما يجري، وأن نتعامل وفق إطار حقوق الإنسان.
وتبقى الأسئلة مفتوحة للقارئ هل سنرى يومًا دفاعًا موحدًا عن الأزمات التي تمر بها منطقتنا؟ يجب أن ندرك أن خلاصنا الجماعي هو السبيل إلى بر الأمان، وأن من يعتقد في الخلاص الفردي سيجد في الأحداث الراهنة، مثل ما يحدث في فلسطين ولبنان، ردًا على هذه المزاعم..