لغة الجسد في خطاب الملك بنيويورك
أ.د عبدالباسط الزيود
25-09-2024 12:20 PM
تابعت كغيري البارحة خطاب جلالة الملك في نيويورك ، و قد شدّني كثيراً لا لمضمونه فقط ؛إذ إنه اقتصر على القضية الفلسطينية و هو موقف الأردن الدائم و الداعم لفلسطين وحقها في إقامة دولة مستقلة !.
إذن ما دام هذا الموقف قد عُبِّر عنه في مواطن كثيرة فلماذا نعدّ هذا الخطاب مهماً و مختلفاً عن سابقه و هو يحمل المضمون نفسه؟.
يرجع السبب في هذه الأهمية إلى ثلاثة أسباب :
الأول أنه جاء في ظرف دقيق و حساس بالنسبة للقضية الفلسطينية بعد السابع من أكتوبر و حجم الدمار الذي لحق بغزة و العدد الهائل من الشهداء الذي وصل إلى أربعين ألفاً و زيادة غير الجرحى و المصابين و جلهم من الأطفال و النساء ، و هو ما لم تشهده الإنسانية في حروبها كلها !.
الثاني و يتمثل بمكان الاجتماع و حضوره ؛ إذ يجتمع عدد كبير من قادة الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة في صعيد واحد في نيويورك ؛ و هذه مناسبة هامة لإيصال صوت الأردن و تحذيراته من عقابيل ما يحدث في غزّة و الضفة الغربية ، الذي تجاوز تصور الإنسان بوصفه إنساناً يحمل المشاعر و يتألم لألم الناس !.
الثالث استطاع الخطاب جذب اهتمام المتلقين له فقد بان ذلك عبر صيد الكاميرا لبعض الوجوه أثناء إلقاء الخطاب و تصفيق الحضور غير مرة ؛ و ذلك يعود إلى لغة الجسد التي حملت خطاب الملك ، و هي لغة كاشفة عن موقف يتسم بالغضب و الألم نتيجة وقوف العالم صامتاً أمام المجازر الصهيونية ؛ و بما أن البشرية توظف لغة الجسد في حياتها أكثر بكثير من الكلام وسيلة للتواصل ؛ كونها تنقل حقيقة مشاعر المتكلم سواء أكانت مشاعر صادقة أم زائفة دون حاجة إلى الكلام ، و هي وسيلة أبلغ منه (أي الكلام ) ، لقد حملت تعابير وجه الملك ، نظراته و انتفاخ أوداجه و لونها و حركة شفايفه مشاعره الداخلية و كذلك حركة يديه ، على الرغم من تمتع جلالته بالهدوء الشديد و قدرته على ضبط مشاعره و تعابيره الجسدية ، و هي بلا شك لغة تواصل مفهومة على مستوى البشرية جمعاء يفهمها كل الناس ، و بالفعل فقد تفاعل الجمهور مع خطاب الملك ؛ لأنه نقل ما يريد عبر لغة جسده و هي لغة إذا ما ضُمّت إلى التعبير الكلامي في الخطاب فإنها ستحقق تواصلاً كبيراً و مفيداً بين طرفي الخطاب المتكلم و الجمهور بالإضافة إلى دلالتها على أهمية مضمون الرسالة / الخطاب و هنا يتحقق أكبر قدر من التواصل و الإبلاغ !.