مسار التحديث الاقتصادي السياسي و خيارات النموذج الاردني
د. محمد العزة
24-09-2024 07:41 PM
شكلت إنطلاقة مرحلة التحديث في مئوية الاردن الثانية عنوانا عريضا لثلاث محاور رئيسية ثلاث تعتبر من أهم أركان مسيرة الحفاظ على ديمومة و استمرارية العمل للدولة الأردنية نحو التطور والتقدم وتحقيق الانجاز للأهداف التي يتطلع لها المواطن الأردني و على مستوى تحسين معيشته في مجالات الحياة الأساسية مثل التعليم و الصحة و فرص العمل و البنية التحتية و السكن .
المسارات أو المحاور الثلاث هي التحديث السياسي و الاداري و الاقتصادي .
الحكومة الأردنية السابقة قبل انقضاء فترتها و بتكليف ملكي خطت اولى الخطوات تجاه إثنين من هذه المحاور بشكل عملي ، كانت البداية مع المسار السياسي على أساس أنه البوابة المطلة على باقي المسارات و الملفات المتعلقة بها ، فتم تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية وقانون الأحزاب و الانتخاب و أجريت الانتخابات النيابية بمشاركة القوائم الحزبية ، فكانت هذه الخطوات عبارة عن مقدمة لإرساء و انشاء البنية التحتية للنموذج الحزبي البرلماني الأردني الذي سيكون مستقبل الاردن السياسي نحو الحكومات الحزبية البرلمانية.
لتنتقل نحو المسار الاداري والقيام بحزمة من التعديلات و إصدار القوانين المختصة بالموارد البشرية و سلوك العمل و معايير الوظيفة داخل القطاع العام ، كأشارة نحو ترشيق الأداء لهذا القطاع كمصدر للوظائف و العمالة و تخفيف الأعباء و النفقات التي تستحوذ على مايقارب ٧٠٪ من موازنة الدولة كما صرح و يصرح بها وزير المالية في خطاب الحكومة لدى مجلس النواب ، وعليه بات من الضرورة أن توجد البدائل والخيارات لحل هذه التحديات و تكون الأدوات المناسبة لتأكيد صحة تطبيق الإجراءات و لمس و عكس منافعها على الصالح العام للدولة.
هنا يكمن أهمية مسار التحديث الاقتصادي وارتباطه الوثيق بالسياسة و الإدارة و مخرجات ونتائج كل منهما سواء من حيث القرارات أو الكفاءات التي تلعب دورا مهما في التأثير على أختيار النموذج الاقتصادي الاردني المناسب و الامثل لفك جملة العقد و الصعوبات و المعيقات المتراكمة عبر السنوات الماضية و التي شكلت الظروف المحيطة الإقليمية سببا رئيسيا فيها ، وجزء محلي هو ضعف بعض الادارات في الاستفادة من الفرص والامكانيات المتاحة. أختيار الأردن لنهجه الاقتصادي يعد أحد أهم الأولويات التي شدد عليها الملك عبدالله الثاني بن الحسين في تكليفه السامي للحكومة الحالية ، على اعتبار أنه سيكون الذراع الرافعة التي ستحدث الفرق لدى المواطن في نمط حياته و تحسين معيشته و عودة نشاطه التجاري و رفع الدخل المالي و قوته الشرائية و و موازنة قدراته الإنتاجية و الاستهلاكية .
اليوم هناك العديد من النظريات الاقتصادية المطروحة والمطبقة خاضها الاردن بجميع نكهاتها و وصفاتها ما بين الاتكالية الاشتراكية و الليبرالية الرأسمالية لكن ، هناك قناعات بأننا بحاجة إلى طريق ثالث أو نموذج أقتصادي خليط يجمع ما بين ما ذكرنهما ، و هو نظام اقتصاد السوق الاجتماعي ، الذي يكلف الحكومات بالتركيز على قطاعات الخدمات من صحة ، تعليم ، بنية تحتية و شبكة طرق و مواصلات و إعطاء القطاع الخاص مساحة أكبر في الشراكة و الاستثمار و المشاريع و تحمل عبء تأهيل وتشغيل الكوادر البشرية الوطنية و الايادي العاملة تحت رقابة حكومية .
اهمية موقع الاردن الجيوسياسي وأستقراره الأمني والسياسي تمكنه من تحقيق مرتبة متقدمة في مجالات الاقتصادي المعرفي و الخدماتي ، كمركز للطاقة المتجددة ، والسياحة العلاجية و التاريخية و الدينية ، والتعليمية والصناعة التحويلية والاستفادة من المواد الخام و الموارد الطبيعية ،لدينا موقع جغرافي يؤهله ليكون نقطة و حلقة وصل برية للتجارة البينية الإقليمية و الدولية.
لدينا كوادر بشرية قابلة للتأهيل و التطوير لقدرتها و مهاراتها مما يؤهلها و يجعلها منافسة لملأ الشواغر للوظائف في الاسواق الخارجية.
نجاح مسارات التحديث الثلاث سيكون السارية لهذا الوطن الاردني لتبقى رايته تخفق عاليا ، ليظل الاقوى و الاعز الكريم الآمن المطمئن المستقر .